في كتابه الأخير المعنون بـ"فلسطين: السلام وليس الفصل العنصري"، أثار الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر جملة من القضايا كثيراً ما غابت عن الرأي العام الأميركي وعن منتديات النقاش والحوار السياسي في الساحة الأميركية... وبسبب ذلك ثارت ثائرة اللوبي اليهودي في أميركا ومعه الدوائر الموالية لإسرائيل وصاحبة التعهد بالدفاع عن مصالح الدولة العبرية إلى الأبد! لقد أعجبني مقال جيمس زغبي "كتاب كارتر وضحالة الحوار الأميركي حول فلسطين"، لأنه من المقالات الصحفية العربية القليلة التي تناولت ذلك الكتاب في سياق موجة النقد المتواصلة ضده في المنابر الإعلامية والأكاديمية الأميركية. وليس تصرفاً جديداً على العرب أن يخذلوا من يساند قضاياهم الرئيسية، بل كثيراً ما انضموا إلى صفوف المتحاملين عليه! وربما أدركنا حجم العداء المستحكم ضد الفلسطينيين والعرب، من حقيقة أن سقف الدفاع في كتاب كارتر منخفض للغاية؛ إذ لا يطالب مثلاً بالقدس كعاصمة فلسطينية ولا بعودة اللاجئين، ولا بتحجيم دولة إسرائيل أو بنزع ترسانتها النووية، أو إيقاف سياساتها العدوانية اليومية أو إزالة المستوطنات... بل كل ما يدعو إليه هو "ترشيد الاستيطان" وتوفير ممرات آمنة لـ"الجزر" التي تتشكل منها أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، وبالتخفيف من حدة الفصل الإسرائيلي بين تلك الجزر أو الأجزاء المتناثرة... إلى غير ذلك من القضايا الإجرائية والمحدودة جداً! لكن رغم ذلك ووجه الكتاب بحملة شعواء لم تتوقف عند التشهير بمؤلفه كـ"متعاطف مع الفلسطينيين"، بل ذهبت أبعد من ذلك إلى اتهامه بمعاداة السامية، وهي لعمري تهمة ليس أقسى منها ولا أشنع في منظور العقل الأميركي الخاضع لإكراهات إسرائيلية غير متناهية! محمد السيد- القاهرة