في الأمثال الكويتية "الحياء نقطة", بمعنى أنه بمجرد سقوط هذه النقطة يتجرد الإنسان من هذا الحياء الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه من الإيمان, وبما يشي بأنه لا دين لمن لا حياء له. ومما اتفق عليه الناس أن من فقد الحياء يستطيع فعل ما يشاء بلا خجل, وفقاً للمثل الشعبي الدارج "إذا كنت ما تستحي, أفعل ما تشتهي". ومن متابعة علاقة بني العربان مع الولايات المتحدة الأميركية، يتبين أن نقطة الحياء قد سقطت منذ زمن, ولكنهم لا يخجلون من التعامل مع شؤون الحياة بدونها, رغم أهميتها للحياة المنطقية والسوية! ولا يخفى على أحد كره أغلب بني العربان لأميركا، أحياناً بسبب وأحايين أخرى بلا سبب! فأميركا دولة احتلال للعراق, ولا ينظرون إليها كقوة حررت العراقيين من الطغيان, ولولا القوات الأميركية لظل العراقيون يرسفون في الذل الصدامي أمداً طويلاً, لأنه بعد هلاك صدام سيأتي أبناؤه ثم أحفاده, وقد خلصهم الأميركيون من هذا كله. ورغم أن معظم العراقيين قد رحبوا بهذا التحرير, فإن لقطاء صدام من بني العربان يتمنون وجود الطاغية, فأقاموا له العزاء الذي نتمنى أن يظلوا فيه إلى قيام الساعة. الفلسطينيون يعلنون كراهيتهم لأميركا, لكنهم يتلقون المساعدات الأميركية, والتي تبلغ ملايين الدولارات سنوياً, إضافة إلى المساعدات المالية الأوروبية, ثم بعد هذا يقومون بخطف الأجانب الذين قدِموا لمساعدتهم, ويشتمون أميركا ويحرقون علمها, ثم يطالبونها بإقامة الدولة الفلسطينية! كذلك الأمر مع اللبنانيين الذين انساقوا مع "حزب الله", حيث الشتم والذم للولايات المتحدة الأميركية, لكنهم لا يخجلون من استخدام الدولارات بدلاً من العملة الوطنية في معظم شؤون حياتهم, دعْ عنك حساباتهم المصرفية الخاصة التي تتم بالدولار. ما أحلى الدولار عند هؤلاء بلونه الأخضر, لكن كيف يجمعون هذا التناقض في تعاملاتهم؟ التعليل بسيط: فقدان الحياء. ولهذا يلاحظ أن معظم الشعوب التي تكره أميركا تجد أبناءها يقفون بالطوابير عند السفارة الأميركية استجداء لتأشيرة سفر, هرباً من وطنهم! وهناك كثير من الشعوب التي تدين للولايات المتحدة الأميركية بالحياة ذاتها, كما هو حال الكويتيين مثلاً, لكن تجد كثيراً منهم, خاصة أتباع التيار الديني، يتناسون هذا الفضل ويأخذون موقفاً ضد أميركا، تأييداً لـ"حزب الله" أو للفلسطينيين مثلاً. وهناك دول تعتاش على المساعدات الغذائية الأميركية, بل وحتى المساعدات المالية, ولكن شعوبها غالباً, بسبب قلة الحياء, تنسى أنها تأكل القمح الأميركي. واليوم ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تجوب بلاد الشرق الأوسط لبحث المشاكل المختلفة, تعلن تلقيها العديد من الرسائل من رؤساء عرب لإحياء محادثات السلام الفلسطينية- الإسرائيلية! وهناك من يقول إن فضول أميركا يجب ألا يمنعنا من معارضة سياساتها في الشرق الأوسط أو في العالم, وهذا موقف سليم لو أنه خلا من قلة الحياء, بمعنى توفر النقد لسياساتها دون الاستنجاد بها في الملمات, أو منع المسؤولين من الذهاب لأميركا للسياحة وتلقي العلاج, أو منع الناس من الوقوف على أبواب السفارة الأميركية طلباً لفيزا الهجرة, للعمل في أميركا. باختصار, قلة الحياء عند العربان في علاقتهم مع أميركا أصبحت ظاهرة تتصف ذاتها بقلة الحياء.