"بوش وإدمان الفشل في العراق"... ما أبلغه من تعبير عن الحالة التي انتهى إليها التدخل الأميركي في بلاد الرافدين، وهو التعبير الذي اختاره الدكتور أحمد يوسف أحمد عنواناً لمقاله على هذه الصفحات يوم الثلاثاء الماضي. وأريد أن أتوقف سريعاً عند ثلاث مفارقات أثارها الكاتب: أولاها أن واشنطن اليوم تريد ألا يظهر الاحتلال هناك كأمر معيب، بل أن يصبح "التقصير" في مساندته هو العيب بذاته! وهذا تناقض صريح ومباشر مع قواعد القانون الدولي التي تجرِّم الاحتلال وتعتبره فعلاً مرفوضاً ومشيناً وغير قانوني... أما المفارقة الثانية فهي أن أميركا تفعل اليوم ما كنا نتهم به نحن العرب، أي إلقاء اللوم على الآخرين في فشلنا، حيث كلما ازداد الضغط على الوجود الأميركي في العراق، نجد واشنطن تصعِّد ضد سوريا أو إيران، مع أن حلفاءها العراقيين هم ذاتهم أدوات النفوذ الإيراني في بلاد الرافدين! وأخيراً تتجلى المفارقة الثالثة في "انفتاح" الدبلوماسية الأميركية، وبشكل غير مسبوق، على العواصم العربية، سعياً لتحميلها جزءاً من المسؤولية عن الأخطاء الأميركية المتراكمة في العراق، وللزج بها في المستنقع العراقي، رغم أن واشنطن لم تستشرها حين قررت الحرب على العراق وغزوه واحتلاله! من هنا يتضح لنا مدى اللاعقل الذي يحكم السياسة الأميركية في العراق، ومن ثم نفهم لماذا أصبحت مدمنة على الفشل هناك. عمر فهيم- تونس