مخطط إيراني جديد بالعراق... وبوادر مشجعة في الصراع العربي- الإسرائيلي التدخل الإيراني في العراق، والمحادثات السرية بين إسرائيل وسوريا، وتداعيات زيارة "رايس" إلى المنطقة... موضوعات حظيت باهتمام خاص في الصحف البريطانية الصادرة خلال الأسبوع المنصرم. "التهديد الذي تمثله إيران": تحت هذا العنوان، وفي افتتاحيتها لأول من أمس الثلاثاء أشارت "الديلي تلجراف" إلى أن إيران قد شرعت في تنفيذ مخطط جديد في جنوب العراق. وتلقي الافتتاحية الضوء على ذلك المخطط من خلال قولها إنه كان معلوماً منذ بداية الحرب العراقية أن إيران متورطة بشكل ما في التمرد المناوئ للتحالف، وذلك من خلال تزويد المليشيات المناوئة للاحتلال بالأسلحة والرجال لتمكينها من ضرب الأميركيين والبريطانيين من جهة، وتأجيج نيران العنف الطائفي من جهة أخرى، وإبقاء البلاد في حالة من الفوضى العارمة من جهة ثالثة، وذلك قبل أن تنخرط في الآونة الأخيرة في تنفيذ مخطط أكثر تعقيداً للتسلل والتوغل السياسي في البصرة. فاستباقاً للانسحاب البريطاني المزمع من هناك، قامت إيران بجهد مخطط له جيداً لاختراق الجهاز الأمني والأحزاب السياسية الفاعلة هناك، بحيث تكون في وضع ملائم عند انسحاب القوات البريطانية يمكِّنها من الهيمنة على بنية السلطة في جنوب العراق، والسيطرة بالتالي على آبار النفط التي تتركز في تلك المنطقة، وبالتالي حرمان القوى الغربية من أية حصة في ذلك النفط، واستخدامه كورقة سياسية تمنح إيران تحت نظامها المتطرف الذي يقوده محمود أحمدي نجاد مصدراً إضافياً لترسيخ وضعها في الساحة الإقليمية. وهو ما يتطلب من الولايات المتحدة وبريطانيا -كما ترى الصحيفة- جهداً منسقاً واستراتيجية خلاقة لمواجهة الخطر الإيراني الجديد، الذي يهدد مصالحهما الحيوية في هذه المنطقة المضطربة من العالم. "هل هم مستعدون للمباحثات؟": صحيفة "التايمز" تساءلت في افتتاحيتها أول من أمس الثلاثاء، والتي أشارت خلالها إلى أن الإعلان الصادر الذي يفيد بأن "رايس" ستعقد قمة ثلاثية تجمعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي" إيهود أولمرت" ورئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" يوحي بأن الوزيرة الأميركية ربما تكون قد حققت تقدماً أكبر بكثير مما كان متوقعاً قبل الزيارة على رغم أن المراقبين يشيرون إلى أن مثل هذه القمة سيكون مآلها الفشل مثل سابقاتها. وأشارت الصحيفة إلى أن ما يتوقعه المنتقدون من فشل للقمة المزمعة يرجع إلى أن أطراف هذه القمة يجدون أنفسهم في الوقت الراهن في ظروف ضاغطة قد تحول دون نجاحها، بيد أن الصحيفة ترى أن هؤلاء المراقبين على خطأ، وأن نجاح "رايس" في الترتيب لعقد هذه القمة يثبت في حد ذاته أن هناك فرصة لنجاحها خصوصاً، وأن هناك الكثير من البوادر المشجعة في هذا السياق، منها أنه على الرغم من أن هناك الكثير من العناصر المتشددة في الحكومة الإسرائيلية والرافضة لتقديم أي تنازلات للفلسطينيين، فإن إيهود أولمرت نفسه، وهذا هو المهم، قد حافظ على الوعد الذي كان قد قطعه على نفسه باستئناف المباحثات بشأن خريطة الطريق، كما أنه عقد أول اجتماع له مع عباس الشهر الماضي، وقدم عدة بوادر حسن نية تجاه الفلسطينيين. أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقد وقف بحزم ضد الهجمات التي شنتها "حماس" على أنصاره، وضد الموقف الذي اتخذته تجاه الاعتراف بإسرائيل، وتجاه الموافقة على حكومة وحدة وطنية، كما أنه يبدو مستعداً للمضي قدماً بشأن خططه الرامية لعقد انتخابات مبكرة كما أظهر بجلاء أنه على استعداد لاستخدام القوة ضد العناصر التي تقوم بإطلاق الصواريخ على إسرائيل. أما بوش فهو، كما ترى الصحيفة، مستعد للاشتباك بشكل حقيقي في تلك المباحثات، على الرغم من الشكوك التي أصبحت تحيط بأية بادرة يقوم بها في مختلف الشرق الأوسط، وعلى الرغم من التشكك في احتمال نجاح مقترحاته الجديدة بشأن العراق، وأن أمامه في الظروف الراهنة فرصة قد لا تتكرر كثيراً لتحقيق السلام وإرساء الاستقرار في تلك المنطقة من خلال وضع حد للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي الذي من دونه لن يكون هناك استقرار في المنطقة. "إسرائيل وسوريا والصفقة التي لابد أن تتم": هكذا عنونت صحيفة "الإندبندنت" افتتاحيتها أمس الأربعاء، مشيرة إلى زيارة "رايس" ومن قبلها زيارة "بلير"، والزيارة المزمعة لـ"خافير سولانا"، وقالت إنها في مجملها تنبئ بأن اللجنة الرباعية تعيد تنظيم صفوفها مجدداً من أجل استئناف جهودها للتوصل إلى اتفاقية سلام في الشرق الأوسط، وربطت الصحيفة في معرض التدليل على صحة استنتاجها بين هذه الزيارات والاستراتيجية الجديدة التي أعلنها الرئيس بوش لتحقيق الاستقرار في العراق من جهة، وبين التقرير الإخباري الذي نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الليبرالية من جهة أخرى، وأوردت فيه بعض التفاصيل عما وصفته بأنه إطار لتحقيق السلام بين إسرائيل وسوريا تمت المفاوضة بشأنه بين ممثلين عن سوريا وإسرائيل خلال عامي 2004 و2006 من أجل التوصل لحل للقضايا العلاقة بين البلدين، وذلك قبل أن يتوقف في صيف العام الماضي بسبب القتال بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني. وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك الإطار لم يتضمن سوى عدد ضئيل من المفاجآت حيث ركز بشكل أساسي على قيام إسرائيل بالانسحاب من هضبة الجولان السورية التي استولت عليها عام 1967، على أن تقوم سوريا في المقابل بإيقاف دعمها للمجموعات المسلحة التي تنطلق من أراضيها ومن لبنان وتهدد الأمن الإسرائيلي. وقللت الصحيفة من شأن التكذيبات التي صدرت عن إسرائيل وسوريا في هذا الشأن قائلة إن الإنكار يعتبر حيلة من الحيل التي لا غنى عنها، فيما وصفته بالدبلوماسية الاستكشافية، مؤكدة أن أهمية تلك الاتصالات تكمن في أنها تظهر بجلاء أن هناك أطرافاً داخل سوريا وداخل إسرائيل لديها الاستعداد للاتصال بالطرف الآخر والتفاوض معه، مما يعد من البوادر المشجعة التي تشي بأنه بإمكان البلدين في النهاية الدخول في مفاوضات والتوصل إلى اتفاق على حل القضايا العالقة بينهما، وهو اتفاق تراه الصحيفة حتمياً، وأنه لن يكون ممكناً من دون إرساء الاستقرار في هذه المنطقة التي عانت طويلاً من الصراعات الدامية. إعداد: سعيد كامل