من عادة المفكر الاستراتيجي الأميركي بول كنيدي أن يفاجئ قراءه في كل ما يكتب ببُعد نظره وعمق طرحه ومنهجيته الرصينة. وهذا ما أعتقد أنه ميز مقاله المنشور هنا يوم الاثنين الماضي بعنوان: "البُعد الطبقي في الحرب الأميركية على الإرهاب". ووجه القوة في المقال المذكور أنه أثار موضوعاً يتحاشى الكتاب الأميركيون عادة إثارته، وهو التفاوت الطبقي، والعرقي، بين أبناء المجتمع الأميركي. وهذا التفاوت لا يظهر– حسب علماء الاجتماع الأميركيين- فقط في المؤسسة العسكرية، وإنما يظهر في مختلف مناشط الحياة الأخرى. وعلى سبيل المثال فإن السود الذين يشكلون أقل من 15% من سكان الولايات المتحدة، يشكلون أكثر من 30% من نزلاء السجون هناك، كما أن المحكوم عليهم بالإعدام– في الولايات التي تطبق هذا الحكم- معظمهم من السود. وقسْ على ذلك نِسبهم في الأحياء الفقيرة، ونسبة الأثرياء وذوي الوظائف القيادية بينهم... الخ. متوكل بوزيان - أبوظبي تعقيباً على نيكولاس كريستوف العبرة بالنتائج كتب نيكولاس كرستوف في هذه الصفحات يوم الاثنين 15 يناير الجاري، مقالاً عنوانه: "السياسة الخارجية الأميركية: تخبُّط في كل مكان"، ومع أن هذا العنوان حارق في نقديته إلا أنه في الحقيقة ليس دقيقاً ولا صحيحاً. فسياسات الولايات المتحدة مهما قيل عنها من نقد، أو اتهمت بالتخبط والتناقض، وعدم الاتزان، إلا أنها شديدة الفاعلية، وتحقق الأهداف المرسومة لها بدقة وبشكل شبه مضمون، وهذا هو المهم، فالعبرة بالنتيجة، كما يقال. ولو نظرنا إلى السياسة الأميركية في الشرق الأوسط نجد أنها رغم تضارب خطواتها، واختلاف الإدارات والأحزاب الحاكمة في البيت الأبيض، إلا أنها ظلت طيلة العقود الخمسة الماضية، تسير بخطوات ثابتة وفي مسار خطي مستقيم متجه دائماً إلى الأمام، يرسم الأهداف ويحققها بدقة. وهذا الطابع التراكمي الإيجابي لأداء السياسة الخارجية الأميركية، هو الذي يجعل انتقادات كتاب اليسار الأميركي عنها تهويلية وغير ذات فائدة، بل وتأتي احياناً كثيرة باعتبارها استخداماً سيئاً لحق حرية التعبير الذي تتيحه الديمقراطية الأميركية العريقة، وأعتقد أن كريستوف هو أحد كتاب اليسار الأميركي هؤلاء، ولذلك نرى في مقاله تلك الجعجعة، ولكننا لا نرى طحيناً. وائل سليمان - بيروت