في زيارتها الأخيرة لعدد من دول المنطقة، لم تتحدث وزيرة الخارجية الأميركية هذه المرة عن مشروع جديد من المشاريع التي كثيراً ما ألقت بها مصانع السياسة الأميركية إلى المنطقة؛ لا مشروع "شرق أوسط كبير" ولا مشروع "شرق أوسط جديد"..! تحدثت كوندوليزا رايس عن "هدف قيام الدولة الفلسطينية"، لكن بغموض أكثر من السابق، وهو الغموض الذي يتأتى من غياب العلاقة بين الكلمات المعلنة والنوايا المبطنة والأفعال العيانية... والسبب أن أميركا لا تقصد بالطبع إقامة دولة فلسطينية مستقلة تحقق الحد الأدنى من الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وإنما ينصب اهتمامها على قضايا أخرى ليس من ورقة للتغطية عليها أفضل من ورقة المأساة الفلسطينية! ما تقصده رايس بالطبع هو تشديد الحصار على الشعب الفلسطيني، وضمان الدعم العربي لخطة بوش الجديدة في العراق، تعويضاً عن افتقادها أي دعم أميركي داخلي! هذا الاستخدام الظرفي للقضية الفلسطينية كطريقة لشراء الدعم العربي في أوقات الأزمة والاحتياج الأميركي، يمثل عادة سيئة لم تقلع عنها واشنطن منذ زمن بعيد! لكن اللوم لا يقع على أميركا في هذه الحالة، وإنما على العرب الذين تعودوا قبول الاستخفاف الأميركي المتكرر دون انقطاع! فالح نذير- المنامة