يواجه العديد من الدول العربية اليوم حالة من عدم الاستقرار السياسي واحتمال الحرب الأهلية والفوضى بسبب زج الدين في السياسة. ففي فلسطين المحتلة نرى اليوم حالة من التوتر واحتمال الحرب بين "فتح" و"حماس" حول الدعوة للانتخابات الجديدة والاختلاف حول كراسي الحكم. فالحكومة الجديدة المنتخبة ترفض التفاوض مع إسرائيل لحل المشاكل المعلقة، وتتهم في نفس الوقت الرئيس الفلسطيني بـ"العمالة" لأنه يؤيد التفاوض لرفع العناء عن الشعب الفلسطيني المحاصر. وفي لبنان نجد المعارضة الإسلامية التي يتزعمها "حزب الله" تصعِّد المعركة ضد الحكومة الشرعية مما ينذر باحتمال تأزم الأمور أكثر وبعودة إلى الحرب الأهلية مرة أخرى، ولا يكترث السياسيون بما قد يؤول إليه هذا البلد الجميل المسالم. وفي العراق نجد أن بوادر الحرب الأهلية قد بدأت في بلد تم تحريره من أكثر الأنظمة ديكتاتورية ودموية لينزلق العراق اليوم إلى حكم المرجعيات الدينية والزعامات المذهبية، فالكل يحاول التخلص من الدولة المدنية التي قد توحِّد العراق وتمنع العودة مرة أخرى إلى النظام البدائي. والسودان البلد العربي الغني بثرواته والفقير في إنجازاته التنموية استولى عليه العسكر قبل عدة سنوات وقاموا بتطبيق الشريعة وفشلوا فشلاً ذريعاً مما أدى إلى تمزقه إلى عدة مناطق وولايات تحاول كل منها الاستقلال عن الحكومة المركزية والدخول معها في حرب أهلية. والمجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي يحاولان اليوم إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يتمزق السودان وتنتهي وحدته الوطنية. الصومال هذا البلد الأفريقي العربي المنكوب مضى على حربه الأهلية أكثر من خمسة عشر عاماً بدون أن يتدخل المجتمع الدولي لإنقاذ الشعب الصومالي من حرب الإخوة الفقراء، والسبب يعود إلى حقيقة أن القبائل الصومالية المتناحرة استغلت غياب الدولة وتحالف بعضها مع القوى الإسلامية من بقايا "القاعدة" مما خلق مخاوف دولية من انتقال تنظيم "القاعدة" لأفريقيا، مما دفع بالحكومة المؤقتة للاستعانة بالقوات الإثيوبية لتحرير الصومال، ويتوقع أن يتم تدويل القضية الصومالية أملاً بحلها. نحن عرب الخليج يبدو أننا لم نتعلم من دروس حالة عدم الاستقرار في الوطن العربي التي سببها زج الدين في السياسة. بالأمس الأول قامت السلطات الكويتية ممثلة بأمن الدولة بمنع إقامة ندوة تحت عنوان: "ماذا يحدث لأهل السُّنة في العراق"، تحت رعاية تجمع "ثوابت الأمة" وهو تجمع سياسي سُني متطرف، هو الذي دعا إلى عقد ندوة يوم أمس (السبت) الموافق 13-1-2007. تدخل الحكومة الكويتية بمنع التجمعات الطائفية لم يمنع نائباً إسلامياً ينتمي للحركة الدستورية الإسلامية "الإخوان المسلمين" من أن ينتقد الخطوات التي اتخذها الرئيس حسنى مبارك في مصر ضد حركة "الإخوان المسلمين". ما هو العامل المشترك للأزمات في كل هذه الدول العربية. العامل المشترك أن بعضها تحكمه حكومات إسلامية أصولية متطرفة، والبعض الآخر تلعب الأحزاب الدينية دوراً فعالاً فيه، وتحاول إجهاض الدولة المدنية تمهيداً لبروز الدولة الدينية. متى يا ترى تعي دول الخليج أن الإسلام دين وليس سياسة؟