لفت نظري خبر نشرته صحيفة "المدينة" الصادرة يوم الجمعة 22/12/2006 نقلاً عن موقع "العربية نت"، تحت عنوان "لعبة أميركية تدعو لتنصير المسلمين أو قتلهم". اللعبة تقوم على الصراع بين المسيح الدجال وأتباعه الذين يحملون أسماء عربية ومسلمة، وتدعو اللاعبين إلى أن يحولوا من يحملون أسماء عربية وإسلامية إلى النصرانية بالقوة، أو أن يقتلوهم حتى يفوزوا في اللعبة! هذا الخبر جعلني أعود مرة أخرى إلى الحديث عن "الخطر التبشيري"، وهو يشير حسب التعريفات العلمية الدالة عليه، إلى حركة دينية سياسية استعمارية ظهرت بعد فشل الحروب الصليبية، بغية نشر النصرانية بين مختلف الأمم وخاصة المسلمين، بهدف إحكام السيطرة عليهم. هذا الخطر الذي تصاعد بقوة، لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، يحتاج منا إلى وقفة لشرح أخطاره وآثاره خاصة بعد أن تحولت جيوش المنصِّرين إلى جيوش نظامية تمارس عملها وفق استراتيجيات مرسومة، بعد أن وجدت فرصتها في الحروب الاستعمارية، وفي الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها بعض الدول الإسلامية. هذا التغلغل أصبح اليوم حقيقة واقعة، وهو يتحرك في كثير من البلدان الإسلامية بصورة متزايدة؛ ففي الجزائر أصبحت حملات التبشير تغطي مناطق عديدة خاصة منطقة القبائل، وفي المغرب تحدثت مصادر صحفية عن تزايد الحملات التبشيرية في المدن المغربية بأشكال مختلفة، آخرها ما ذكرته الصحف المغربية من أن بعض السياح في مدينة مراكش يروجون لكتب تنصيرية تدعو الشباب إلى اعتناق المسيحية. وفي مصر أشارت إحدى الصحف الصادرة مؤخراً إلى قيام جماعات تمارس التبشير في عزبة الهجانة حيث تقام هناك دروس دينية تقدم فيها مساعدات من كل شكل ولون، وإلى أن عملية التبشير تتم بالتدريج أي وفق سياسة خطوة- خطوة. وقد اعترف رجل من إحدى كنائس القاهرة لصحيفة مصرية، بوجود عمليات تنصيرية قائلاً إنه لا سبيل للتخلي عنها. وقد أشار مؤخراً أحد الدعاة المسلمين إلى هذه الحقيقة عندما قال: "هناك 30 أسرة يشكون لي من أن أبناءهم تنصروا". وفي العراق فتحت 15 كنيسة إنجيلية جديدة، وأرسلت "جمعية الكتاب المقدس" أكثر من خمسين ألف نسخة من الكتب والنشرات التنصيرية، وأعلنت منظمتان تنصيريتان أنهما قد درّبتا فريق عمل خاصاً لنشر العقيدة المسيحية، وذلك حسب مجلة "نيوزويك". وفي الأردن توطد التعاون بين الكنيسة الكاثوليكية هناك ونظيرتها في العراق، لملاحقة العراقيين الهاربين من جحيم الاحتلال وتنصيرهم. وفي اليمن هناك نشاط تنصيري واسع، حذرت منه نشرة تصدرها رابطة العالم الإسلامي، مشيرة إلى أن المنظمات التبشيرية نجحت مؤخراً في تنصير 120 يمنياً، قام أحدهم بتمزيق القرآن وإلقائه في حمامات المسجد! وفي السودان تشير العديد من المصادر إلى حملات التبشير في بعض المناطق وخاصة دارفور. وخلال مؤتمر لزعماء الدين الإسلامي في القارة الأفريقية، عقد في مدينة اسطنبول التركية يوم 30/11/2006، ناشد زعماء وقادة إسلاميون أفارقة، الحكومات الإسلامية إنشاء مساجد في بلدانهم لمواجهة حملات التنصير التي تجتاح أفريقيا. دول الخليج أصبحت هي أيضاً في دائرة التنصير، حيث تشير بعض المظاهر إلى ذلك، مما جعل أحد الدعاة يحذر من خطورة هذا التغلغل. وقد ذكرت صحيفة "الرياض" السعودية (23/4/2005)، أن السلطات الأمنية السعودية قبضت على عمال يمارسون التنصير في أحد القصور المهجورة، ومعهم امرأة تمنح "صكوك الغفران"! هذه الصبغة التنصيرية تبدو واضحة أيضاً من خلال التنافس بين الفنادق والمراكز التجارية للاحتفال برأس السنة الميلادية، على وضع أكبر شجرة عيد ميلاد، أو أفضل نشيد وترانيم مسيحية. وقد غطت تلك الاحتفالات على عيد الأضحى المبارك مؤخراً... أليس في هذا تغطية مباشرة على الآخر، كما تغطي الحركات التنصيرية مشاريعها الحقيقية بمشاريع أخرى مزيفة!