مع وجود "باراك أوباما" و"هيلاري رودهام كلينتون" و"بيل ريتشاردسون" في قوائم المرشحين لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية القادمة، فإن اشتراك الأقليات والنساء في هذه الانتخابات، قد وصل إلى درجة من القوة ليس لها مثيل. مع ذلك هناك سؤال لا يزال يطرح نفسه في هذا السياق: هل سيقوم الأميركيون، حتى مع وجود أميركي أفريقي، وامرأة، ولاتيني، بانتخاب رجل أبيض جديد كرئيس للولايات المتحدة؟ لا أحد يستطيع أن يقدم إجابة قاطعة على هذا السؤال، ولكن من المهم مع ذلك القول إن اختيار الرئيس الأميركي يجب أن يتم من بين أفضل الكفاءات الموجودة والموزعة على امتداد الطيف السكاني الأميركي بمختلف تنوعاته. وفي الحقيقة أن المؤشرات الدالة على حدوث تغيير في الانتخابات القادمة تبدو مشجعة. ففي استطلاع للرأي أجراه "معهد سينا للبحوث" بالتعاون مع صحيفة "هيرست" قال 81 في المئة ممن تم استطلاع آرائهم إنهم سيعطون صوتهم للمرشحة النسائية. وفي استطلاع آخر تم إجراؤه بالتعاون بين "سي.بي.إس. نيوز" وصحيفة "نيويورك تايمز" في بداية العام الماضي قال جميع من تم استطلاع آرائهم أنه في حالة قيام حزبهم بترشيح امرأة لخوض انتخابات الرئاسة فإنهم سيمنحونها أصواتهم. وهنا قد يخطر على الأذهان سؤال: لو كان "كولين باول" قد قام بترشيح نفسه لمنصب الرئاسة في انتخابات عام 1996 فهل كان هناك احتمال لأن يفوز؟ يقول "توماس كارسي" أستاذ العلوم السياسية في جامعة فلوريدا: "ربما كان ذلك ممكناً خصوصاً وأنه وكما نرى حالياً فإن فرص فوز المرشحات والمرشحين من الأقليات قد ازدادت كثيراً عما كانت عليه من قبل". وأضاف "كارسي" إن الحواجز بين فئات وقطاعات المجتمع تنهار بوتيرة متزايدة وعلى نطاق أوسع، وأن ذلك ينطبق على ميدان السياسة كما ينطبق على كافة الميادين. ويضيف أن احتمال فوز المرشحات من النساء والمرشحين من الأقليات بالانتخابات التي تجري على مستوى الولايات قد ازداد كثيراً، وهو ما يجعلهم بالتالي أكثر قدرة على استخدام تلك الانتخابات كمقدمة أو كنقطة وثوب إلى انتخابات الرئاسة بعد أن اكتسبوا خبرة بإجراءات الترشيح وأساليب تنظيم الحملات الانتخابية وكيفية الفوز فيها. ويقول "كالفين إكسبو" أستاذ دراسات الحكم بجامعة "سانت لورانس": "لا أعتقد أنني سأكون مبالغاً في تقديري لو قلت إن الرئيس القادم للولايات المتحدة يمكن أن يكون امرأة أو شخصاً ملوناً". وقد عبرت مراكز استطلاعات الرأي "الجمهوري" منها و"الديمقراطي" عن أراء مماثلة. على الرغم من ذلك، فإن هناك حقيقة معينة وثابتة تفرض نفسها في هذا الشأن. هذه الحقيقة تتمثل في أن منصب الرئاسة الأميركية كان دوماً منصباً محصوراً في فئة معينة، وهي أن يكون الرئيس ذكراً ترجع أصوله لدولة من الدول الواقعة في شمال أوروبا، وأن يكون بروتستانتياً (كل الرؤساء الأميركيين تقريباً كانوا من البروتستانت باستثناء جون كنيدي الذي كان كاثوليكياً وريتشارد نيكسون الذي كان ينتمي إلى طائفة الكويكر وهي إحدى الطوائف المسيحية). علاوة على ذلك، فإن جميع الرؤساء قد جاءوا من عدد محدود من الولايات. فعلى الرغم من أن الأميركيين كانوا يتنقلون من الشرق إلى الجنوب إلى الغرب فإنه على مدى 40 عاماً- باستثناء جيرالد فورد - فإن جميع من شغلوا البيت الأبيض قد جاءوا من الولايات الجنوبية والغربية فقط. الأكثر من ذلك أن ما يزيد على نصف عدد الرؤساء (23 من أصل 24) قد ولدوا في واحدة من الولايات التالية: ولاية فرجينيا (8 رؤساء) ولاية أوهايو(7 رؤساء) وولاية ماساشوستس (4 رؤساء) وولاية نيويورك (أربعة رؤساء). بعد كل ذلك نجد أنفسنا أمام السؤال: هل أميركا مستعدة لتغيير هذه الأنماط التي اعتادت عليها؟ نحن واثقان من أنها قادرة على ذلك وأنها قد تنتخب امرأة أو رجلاً ينتمي إلى إحدى الأقليات كي يحتل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض خلال سنوات وليس عقود. وهو بالتأكيد احتمال واضح بالنسبة للانتخابات القادمة عام 2008. ديفيد ئي. درو أستاذ علم الاجتماع في جامعة "كليرمونت جرادويت" هدلي باريل مستشار إعلامي سابق لعدة وكالات حكومية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"