أهمها منح دور أكبر للسُّنة في العملية السياسية ----------- مايكل جوردون وجيف زيليني محررا الشؤون الخارجية في"نيويورك تايمز" ------------ رجح مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية يوم السبت الماضي أن ترتكز سياسة الرئيس بوش الجديدة في العراق على تحقيق مجموعة من الأهداف يُنتظر من الحكومة العراقية أن تسعى إلى الإيفاء بها للتخفيف من حدة التوتر الطائفي والدفع لإحلال الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد. ولعل من أهم تلك الأهداف والمعايير التي يتعين النهوض بها من قبل المسؤولين العراقيين هو السعي إلى إدماج عدد أكبر من السُّنة في العملية السياسية، واستكمال الإجراءات المتعلقة بتوزيع عائدات النفط، ثم الحد من عملية اجتثاث "البعث"، التي نفذتها الحكومة العراقية بحق العديد من أعضاء الحزب السابقين. وبينما يتم تداول تفاصيل السياسة الأميركية الجديدة في العراق داخل أروقة البيت الأبيض أعلن القائد الميداني الجديد للقوات الأميركية في العراق يوم الأحد الماضي أنه يعتزم إرسال قوات إضافية إلى بغداد كجزء من السياسة الجديدة للإدارة الأميركية ونشرها خصوصاً في الأحياء التي تشهد عنفاً متفاقماً. وأوضح القائد العسكري أيضاً أن الأمر، بحسب الخطة الجديدة، قد يتطلب "سنتين إلى ثلاث سنوات" قبل التمكن من السيطرة النهائية على الوضع المضطرب وإخماد العنف. ودون تحديد عقوبات واضحة في حال فشل الحكومة العراقية في بلوغ تلك الأهداف أكد المسؤولون الأميركيون أنهم عازمون على وضع جدول زمني محدد أمام العراقيين، وذلك رغم إدراك المسؤولين الأميركيين أنه قليلاً ما تم احترام الأهداف السابقة التي تم تسطيرها لمعالجة الوضع الأمني المتردي. هذا ولا تكمن الصعوبة فقط في مدى قدرة العراقيين على إنجاح الأهداف الجديدة للخروج من الأزمة، بل تواجه استراتيجية الرئيس بوش شكوكاً متنامية من قبل النواب "الديمقراطيين" وبعض "الجمهوريين" داخل الكونجرس الأميركي. وهو الأمر الذي عبرت عنه "نانسي بيلوسي" رئيسة مجلس النواب خلال لقاء تلفزيوني أجري معها يوم الأحد الماضي، حيث أبدت -إلى جانب "هاري ريد"، زعيم "الديمقراطيين" بمجلس "الشيوخ"- معارضتها لإرسال المزيد من القوات الأميركية إلى العراق. وفي هذا الصدد قالت "بيلوسي": "إذا كان الرئيس عازماً على الرفع من عدد القوات، فعليه أن يبرر ذلك. إن عليه أن يواجه الأمة وهو أمر جديد عليه لأنه إلى حد اليوم كان الكونجرس الجمهوري يمنحه شيكاً على بياض دون محاسبة، أو معايير واضحة". لكنها أوضحت أنه على الكونجرس التفريق بين تمويل الزيادة الجديدة في عدد القوات الأميركية والدعم المالي للجنود الموجودين حالياً في العراق. غير أن الغموض مازال يلف مسألة تمويل الكونجرس لخطة بوش الجديدة في العراق. فقد صرح السيناتور "جوزيف بايدن"، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، يوم الأحد الماضي، بأنه من الناحية النظرية لا يمكن فعل الكثير لمنع الرئيس بوش من توسيع المهمة العسكرية في العراق، موضحاً ذلك بقوله "إنك لا تستطيع أن تلعب مع الرئيس بأن تقول له: اصرف المال هنا ولا تصرفه هناك، فهو مخول دستورياً بإبقاء الجنود الأميركيين في العراق إلى الأبد لو أراد ذلك". ومن المتوقع أن يشير الرئيس بوش إلى الأهداف الجديدة التي يتعين على الحكومة العراقية تحقيقها في العراق خلال خطابه هذا الأسبوع الذي سيوضح فيه استراتيجيته المقبلة في العراق، بما في ذلك خطط إرسال 20 ألفاً من القوات الأميركية. ويعتزم المسؤولون الأميركيون الإعلان عن الأهداف الجديدة أمام الرأي العام في وقت لاحق بعد إلقاء الرئيس بوش لخطابه. ويبدو أنه بالإضافة إلى مساعي الإدارة الأميركية الرامية إلى تهدئة مخاوف الكونجرس من الخطة الجديدة في العراق، فهي تسعى أيضاً إلى ترسيخ الشعور بالمسؤولية والانضباط لدى الحكومة العراقية التي لم تقم إلى حد الآن بما يلزم لوقف العنف بسبب ضغوط الأجندة الطائفية. وفي هذا الإطار يقول مسؤول بارز في الإدارة الأميركية "إن الهدف من الاستراتيجية الجديدة هو إشراك الحكومة العراقية في البحث عن حلول للأزمة الحالية وجعلها تمتثل لتنفيذ التوصيات في هذا المجال". بيد أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تتفق فيها الإدارة الأميركية مع الحكومة العراقية على أهداف مشتركة لحل الأزمة العراقية، فقد سبق وأن حُددت معايير سابقة وظلت دون تطبيق لتدرج مجدداً في الخطة الحالية. وتتمثل الأهداف السابقة التي أدرجت في الاستراتيجية الجديدة في تحديد موعد لإجراء انتخابات على مستوى المحافظات، وهو الإجراء الذي من المتوقع أن يساهم في إشراك السُّنة ومنحهم دوراً أكبر في إدارة المحافظات العراقية ذات الغالبية السُّنية. وثمة هدف آخر رُحِّل من أجندة سابقة لم ينجز منها الكثير هو استكمال "قانون النفط" الذي من المتوقع أن يمنح الحكومة المركزية صلاحية توزيع عائدات النفط على المناطق والمحافظات العراقية المختلفة وفقاً لعدد السكان. وعلاوة على ذلك ستعالج قائمة الأهداف الجديدة مسألة اجتثاث حزب "البعث" من خلال وضع سياسة مغايرة، لاسيما بعد إدراك العديد من المسؤولين الأميركيين الخطأ الجسيم الذي ارتُكب بإقصاء الكثير من كوادر حزب "البعث" وإفراغ العراق من كفاءاته الإدارية. لذا تسعى المقاربة الجديدة إلى معالجة الاختلالات الناتجة على تطبيق سياسة اجتثاث حزب "البعث" من خلال صرف معاشات لبعض "البعثيين" السابقين ممن شغلوا مناصب في جهاز الدولة السابق. وسيشكل تشجيع الحكومة العراقية على إنفاق المزيد من الأموال على المشاريع المختلفة قي المحافظات السُّنية أحد الأركان الأساسية للسياسة الأميركية في العراق. فقد لوحظ أن معظم الأموال التي خُصصت لمحافظة الأنبار السُّنية لم تصرف قط، وهو ما أجج المعارضة السُّنية للحكومة العراقية في بغداد، فضلاً عن إعاقة جهود مكافحة التمرد في المناطق السُّنية. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أنه من خلال الإعلان عن تلك الأهداف أمام الملأ، بعد الإشارة إلى خطوطها العريضة في خطاب الرئيس بوش، فإنهم يضعون الحكومة العراقية وجهاً لوجه أمام مسؤوليتها ما يخضعها بالتالي لمحاسبة الرأي العام. ــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"