هل يمكن لـ"ميت رومني"، الحاكم السابق لولاية ماساشوستس، والسياسي الأميركي المغمور نسبياً في الساحة السياسية الوطنية أن ينتهي به المقام مرشحاً عن الحزب "الجمهوري" لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2008؟ الجواب، حسب المراقبين، هو نعم، رغم قوة خصومه السياسيين والمؤشرات المعاكسة له، على الأقل من الناحية النظرية. فقد جاءت النتائج التي كشفت عنها استطلاعات الرأي في عدد من الولايات خلال السنة الأخيرة أن "رومني" يحتل مرتبة متأخرة مقارنة مع الأسماء الأخرى الوازنة داخل الحزب "الجمهوري". وهكذا احتل "رومني" الترتيب الرابع في استطلاع الرأي الذي أجري في ولاية "نيوهامبشاير" المجاورة لماساشوستس ليأتي مباشرة خلف "سيناتور" أريزونا والمرشح "الجمهوري" القوي "جون ماكين" الذي فاز بترشيح الحزب عن ولاية "نيوهامبشاير" عام 2000. وليس "جون ماكين" المنافس القوي الوحيد الذي يواجهه "ميت رومني"، بل هناك شخصيات أخرى مثل عمدة نيويورك السابق "رودولف جولياني" والمتحدث السابق باسم الكونجرس "نيت جينجريتش". لكن منذ أن أطلق "رومني" حملته في الأسبوع الماضي داخل الحزب "الجمهوري" قصد الحصول على تزكيته لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة وتمكنه من حجز مقعد له في سباق التمويل الضروري لنجاح حملته والحزب "الجمهوري" مفتوح على جميع الاحتمالات. فالمحافظون المتدينون الذين يشكلون قاعدة فاعلة داخل اللجنة المركزية للحزب ليسوا مرتاحين للسيناتور "ماكين"، ولا يخفون قلقهم من بعض توجهاته، لاسيما دفاعه المستميت عن تعزيز الحضور الأميركي في العراق. وإذا استمر الوضع العراقي على حالته المتردية فإنه من شأن مواقفه غير الشعبية في هذه المرحلة أن تضع حداً لتطلعاته في خوض الانتخابات الرئاسية. ويبقى "رودولف جولياني" الذي كشف عن صفات قيادية فذة في تعاطيه مع تداعيات هجمات 11 سبتمبر في نيويورك مرشحاً قوياً، إلا أنه لم يُجرب بعد على الساحة السياسية الوطنية، فضلاً عن مواقفه الليبرالية المتعلقة ببعض القضايا الاجتماعية ما يجعله في خلاف دائم مع اللجنة المركزية للحزب "الجمهوري" بآرائها المعروفة حيال الإجهاض وغيره من القضايا الأخرى. ورغم صعود نجم "جينجريتش"، المتحدث السابق للكونجرس الأميركي وحصوله على دعم واسع في أوساط "المحافظين"، إلا أن الفترة القصيرة التي قضاها كمتحدث باسم الكونجرس، ثم زيجاته الثلاث السابقة قد تجعلانه يذوي سريعاً تحت الأضواء الكاشفة للإعلام والمنافسين. وهنا يدخل "رومني" كرجل أعمال ناجح، وأحد منقذي الألعاب الأولمبية التي نظمت في "سولت ليك سيتي" عام 2002 بعد المشاكل التي كادت تعصف بها، فضلاً عن سجله العائلي الذي لا تشوبه شائبة. فبعدما تمكن من الفوز بمنصب حاكم ولاية "ماساشوستس" الليبرالية كـ"جمهوري" معتدل في عام 2002 سعى جاهداً إلى إعادة تشكيل صورته أمام "المحافظين" بتبنيه لمواقف مناهضة للإجهاض وحقوق المثليين وخلايا المنشأ. ومع ذلك لم ينفتح "الجمهوريون" كثيراً على "رومني"، رغم اعتناقه لأرائهم المحافظة، ليبقى مذهب "المرمون" المسيحي الذي ينتمي إليه "رومني" حائلاً دون قبوله الكلي من قبل أعضاء حزبه من المتدينين. ورغم كل تلك الصعوبات يرى بعض المحللين السياسيين أن أمام "رومني" طريقاً سالكاً للفوز بترشيح حزبه إذا ما سوق نفسه كمرشح قوي قادر على الظفر بسباق الرئاسة خلال 2008. وهنا يلزم التنويه إلى أن "إيد ساربولوس"، وهو مراقب مستقل من ولاية ميتشجان ولا يؤمن بحظوظ "جينجريتش" و"جولياني" في الصمود يقول في هذا السياق "يريد الحزب الجمهوري أن يفوز في الانتخابات الرئاسية، لذا فإنه إذا ما أصر ماكين على موقفه الحالي من العراق والداعي إلى البقاء هناك، فإنه لن يحظى أبداً بتزكية الحزب حتى في ولايته نيوهامبشاير". ويعزو المراقبون النتائج المتواضعة التي حصل عليها "رومني" في الولايات المشمولة باستطلاع الرأي مثل "أيوا" و"كارولينا الجنوبية" إلى كونه مبتدئاً في السياسة وليس معروفاً بنفس قدر خصومه. لكنه يتمتع بشعبية كبيرة في ولاية "نيوهامبشاير"، حيث يمتلك حظوة كبيرة بين أعضاء لجنة الحزب "الجمهوري" في الولاية وتمكن من استقطاب شخصيات وازنة إلى صفه. بيد أن "رومني" الذي يحظى بالشعبية في ولاية "نيوهامبشاير" يكاد يفتقدها تماماً في الولايات الأخرى الواقعة تحت تأثير الآلة الإعلامية القوية لبوسطن والمناوئة في معظمها لترشيح "رومني" ممثلاً للحزب "الجمهوري" في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويبدو أن "رومني" المرشح "الجمهوري" في ولاية "ديمقراطية" الذي يسعى إلى دخول مضمار السياسة على الصعيد الوطني يوجد في المكان الخطأ. وفي هذا السياق يتساءل الكثير من "الجمهوريين" وفقاً لـ"ديك بينيت"، وهو مدير مؤسسة مستقلة لاستطلاع الرأي، عن أي نوع من "الجمهوريين" قد يكون أصبح "رومني" في ولاية "ديمقراطية" الهوى. ويتوقع المراقبون أن يكون أداء "رومني" في انتخابات الحزب الداخلية جيداً في ولاية "نيوهامبشاير"، وأن يتمكن من احتلال مركز متقدم، هذا إذا لم يفز بالانتخابات. وفي هذا الصدد يقول "لاري سباتو"، المحلل السياسي في جامعة فيرجينيا "ليس أمام رومني سوى إثبات وجوده في الانتخابات الداخلية للحزب الجمهوري، وإلا سينتهي أمره". فإذا نجح في الفوز بترشيح الحزب في ولاية "نيوهامبشاير" سيكون الأمر سهلاً في ولاية ميتشجان التي ينحدر منها بعد انتخابات الجولة الثانية للحزب "الجمهوري" التي ستشهدها. وسيقتصر السباق الانتخابي في الولاية، حسب المراقبين، على "رومني" وماكين"، مع احتمالات قوية بفوز "رومني"، لاسيما إذا ما ساء الوضع في العراق وانهارت مصداقية "ماكين" داخل الحزب. ليندا فيلدمان محررة الشؤون الخارجية في "كريستيان ساينس مونيتور" ينشر بترتيب خاض مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"