الجديد في الجرائم الاقتصادية في العالم، أنها تستخدم الوسائل والتقنيات الحديثة ليس للاتصال بين المجرمين أو شبكات الفساد والعصابات فقط، وإنما أصبحت هذه الوسائل الحديثة تُستخدم بذاتها كأداة للجريمة ووسيلة لتنفيذها بشكل مباشر، بعدما ظهر مؤخراً ما يُعرف بالجرائم "الإلكترونية"، التي تستخدم فيها "الإنترنت" وسيلة لتنفيذها عن بُعد. ورغم حداثة هذا النمط من الجرائم فإنه سرعان ما بدأ الانتشار في أنحاء العالم، خاصة المناطق التي تتميز بوفرة مالية ومستوى دخل مرتفع، وكذلك في الدول التي اعتمدت مؤخراً التكنولوجيا الحديثة في مجال الاتصالات والإدارة والأعمال المصرفية والمالية، وكلا الشرطين متوافر في دولة الإمارات، التي أطلقت أول مشروع للحكومة الإلكترونية من نوعه في الشرق الأوسط وإفريقيا، بل تأتي في المرتبة الأولى عربياً في مجال المعاملات الإلكترونية، بحسب تصنيف المؤسسات الدولية المتخصصة. وبقدر ما تشهده الدولة من نمو قوي في المعاملات الإلكترونية، فإن هناك تحركات موازية رسمية وشبه رسمية جادة، لتوفير بيئة أكثر أمناً للتعاملات الإلكترونية، بما يوفر مناخاً إلكترونياً يعزز الثقة في هذه التعاملات. وينبغي الإشارة هنا إلى أن مكافحة الجريمة الإلكترونية حديثة حداثة الجريمة ذاتها، وذلك على المستوى العالمي، وليس المحلي فقط، فقد دخلت الدول الأوروبية في مفاوضات استمرت أربع سنوات كاملة حتى تتوصل إلى معاهدة دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية عبر "الإنترنت"، إلى أن تم الاتفاق عليها وتوقيعها في أواخر عام 2001. أي أن الجهود الدولية لمكافحة الجريمة الإلكترونية تشير إلى أن حجم الظاهرة في دولة الإمارات ليس مقلقاً، وفي المقابل فإن الإجراءات والخطط الأمنية الوقائية المتبعة في الدولة حتى الآن، وتلك التي لا تزال تحت التجربة، أو تلك التي تفرضها التطورات والجرائم التي يتم اكتشافها، من حين لآخر، كلها مؤشرات على أن الأمن الإلكتروني في الإمارات أفضل حالاً من معظم دول العالم. لقد عمدت دولة الإمارات إلى الإسراع في أن تتبنى أحدث التقنيات للتطبيقات الإلكترونية، وفي الوقت نفسه اعتماد أحدث الآليات والحلول لأمن الشبكات في قواعدها المتكاملة. وبحسب تقرير صادر عن شركة "إنترناشيونال داتا كوربوريشن"، تتصدّر دولة الإمارات منطقة الشرق الأوسط في مجال الإنفاق على الأمن الإلكتروني، حيث أنفقت المنطقة مبلغاً وصل إلى 4.7 مليار دولار على الأمن الإلكتروني، خلال عام 2005، بزيادة سنوية بلغت 15.6%، مما وضع المنطقة بأكملها في المرتبة الثانية على مستوى العالم في هذا المجال. وبحسب التقرير نفسه، يُتوقع أن تصل هذه الأرقام إلى 5.6 مليار دولار خلال عام 2006، وإلى 9.3 مليار دولار في عام 2009، بمعدل نمو سنوي مركّب يصل إلى 18.6%. ورغم الجهود التي تبذلها دولة الإمارات في مجال الأمن الإلكتروني، فإن هناك بعض جوانب الأمن الإلكتروني تظل تتطلب اهتماماً أكثر من غيرها، بحسب طبيعة الأعمال الإلكترونية بالدولة، خلال المرحلة المقبلة. فهناك ضرورة لفرض رقابة صارمة على المسارات والشبكات والحواسب الخاصة بالعاملين في الشركات والهيئات، حيث أثبتت الإحصائيات أن 80% تقريباً من عمليات الاختراق في العالم تكون من قبل العاملين في الهيئات والجهات المخترَقة ذاتها، أو من أفراد كانت لهم صلة سابقة معها. وبالقدر نفسه هناك ضرورة لتأمين المعلومات المتنقلة بين الأجهزة والحواسب سواء عبر "الإنترنت" أو الشبكات الداخلية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة"أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.