انضمت رومانيا وبلغاريا إلى حظيرة الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين الماضي، وهو ما سيساهم في إنهاء الانقسامات الجغرافية التي وُرثت عن فترة الحرب الباردة ويمدد حدود ما أصبح اليوم كتلةً تضم 27 بلداً إلى البحر الأسود شرقاً. وتأمل رومانيا وبلغاريا، اللتان تعدان اليوم أفقر أعضاء الاتحاد الأوروبي، أن تساعدهما العضوية على تحسين الدخل الفردي لمواطنيهما، الذي يقدر بثلث متوسط الدخل الفردي في الاتحاد. كما ينتظر أن يمنح انضمامهما، الذي يعد ثاني موجة توسيع تطال الدول الشيوعية سابقاً في أوروبا الشرقية، الاتحادَ ركيزة سياسية واقتصادية في منطقة تفتقر إلى الاستقرار. وبذلك تصبح رومانيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 22 مليون نسمة، سابع أكبر عضو في الاتحاد الأوروبي؛ في حين يقدر عدد سكان بلغاريا بـ7.7 مليون نسمة. ويمثل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بالنسبة لرومانيا، التي عانت من أحد أكثر الأنظمة الديكتاتورية وحشية في أوروبا الشرقية في عهد نيكولاي شاوشيسكو قبل أن يطاح به في 1989، قطيعةً نهائية ورمزية مهمة مع الماضي المُر. أما بالنسبة لبلغاريا، التي تطبعُ تاريخَها الصراعاتُ مع الإمبراطورية العثمانية والاحتلال السوفييتي، فيُنظر فيها إلى الاتحاد الأوروبي على أنه مصدر للاستقرار الاقتصادي والديمقراطي. غير أن الاتحاد الأوروبي ما زال يعاني من إجهاد وتكلفة عملية التوسيع الأخيرة في مايو 2004، والتي انتقل بموجبها عدد أعضاء الاتحاد من 15 بلداً إلى 25 بلداً. وبالانضمام الأخير، يكون عدد سكان الاتحاد قد بلغ نحو 489 مليون نسمة. وإضافة إلى ذلك، يخشى بعض الأعضاء، مثل فرنسا، أن يشكل انضمامُ دول ضعيفةِ الدخل الفردي إلى حظيرة الاتحاد، عبئاً اقتصادياً ثقيلاً، ويعقد إدارة وتسيير مؤسساته. كما تخشى هذه الدول أن يؤدي توسيع الاتحاد إلى تقليص سلطتها، وشل عملية اتخاذ القرارات داخل مؤسسات الاتحاد. وقد انعكس هذا القلق إزاء الشكل المقبل الذي سيتخذه الاتحاد في رفض الفرنسيين والهولنديين لمشروع الدستور الأوروبي المقترح في استفتاء عام 2005. ومنذ ذلك الحين، تعالت الأصوات المنادية داخل الاتحاد بضرورة إبطاء وتيرة التوسيع. والواقع أن هذا التردد، الذي أججته المخاوف إزاء الهجرة وإزاء أداء أوروبا الاقتصادي المتواضع، يتجلى بوضوح في معارضة بعض الأعضاء لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. كما أنه ألقى بظلاله أيضاً على قبول رومانيا وبلغاريا، اللتين انتُقدتا بسبب الفساد الذي مازال مستشرياً منذ الفترة الشيوعية. بالمقابل، أيدت دول أخرى تزعمتها بريطانيا، بدعم من الولايات المتحدة، المزيد من التوسع على اعتبار أن الوعد بالانضمام ساهم في تسريع التغير السياسي والاقتصادي في أوروبا، من قبيل اعتقال مجرمي الحرب في كرواتيا وتحرير القطاع المصرفي في تركيا. وتعكس الشروط الصارمة التي فرضت على رومانيا وبلغاريا مقابل العضوية، المقاربة الحذرة التي تبناها الاتحاد الأوروبي تجاه المزيد من التوسع؛ ذلك أنهما ستظلان، حتى بعد انضمامها إلى الاتحاد اليوم، موضوع تدابير وقائية غير مسبوقة من أجل ثنيهما عن التراجع، ومن ذلك قدرة المفوضية الأوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد، على تعليق بعض الحقوق التي يستفيد منها الملتحقون الجدد مثل المساعدات الاقتصادية المجزية. علاوة على ذلك، فقد هددت المفوضية الأوروبية بتعليق الاعتراف بمذكرات الاعتقال والأحكام التي تصدرها المحاكم البلغارية في حال لم تعمل صوفيا على تحسين نظامها القضائي. وتتوقع رومانيا تلقي ما لا يقل عن 2.2 مليار دولار في العام الأول بعد انضمامها؛ في حين ينتظر أن تستفيد بلغاريا من 873 مليون دولار. دان بيليفسكي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسل "نيويورك تايمز" في بروكسل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"