لأكون صريحاً هنا على الأقل وأعلن بأني لم أفهم كثيراً مما أورده مقال الدكتور محمد عابد الجابري "البابا في مواجهة نزع الطابع الإغريقي للمسيحية"، والذي نشر على صفحات جريدتكم الموقرة يوم أمس الثلاثاء… خاصة الاقتباسات المطولة التي نقلها من محاضرة البابا بنيدكت السادس عشر المثيرة للجدل، والتي ادعى فيها البابا إن الإسلام انتشر بحد السيف وأن عقائده تتعارض مع العقل! على كل حال أعتقد أن المشكلة لا تتمثل في إصرار الكنيسة البابوية على تكريس الصلة بين المسيحية وبين التراث اليوناني، بما يترتب على ذلك من ترسيم لعقيدة التثليث، وإعادة إنتاج للقراءات اليهودية حول التوراة، بل استلهام سلبي لهذه القراءات… وإنما تكمن المشكلة في تصور الكيفية التي يرد بها أهل الإسلام على اتهامات البابا بحق دينهم ونبيهم! أو بعبارة أخرى تتجسد المعضلة في أسس التعايش الديني وآليات التسامح التي نحتاج الآن، في عصرنا الراهن، إلى توطيدها أكثر من أي مرحلة أخرى! تأسيساً على ذلك، يبدو لي أن الكاتب لم يوفق في الرد المناسب على محاضرة البابا، رغم كونه أعلن في سلسلة مقالاته الحالية أنه بصدد ذلك الرد… فهل ضاعت فكرته الأساسية في بحر التفاصيل والاقتباسات والمقارنات الأكاديمية الباردة، لنجدنا أمام ذلك المقال المتردد والحذر، والذي لم يقدم أكثر مما قدمه البابا نفسه؟! مفيد زياد- بيروت