بوادر "انفراج سياسي" مع الفلسطينيين... ودعوة للصرامة تجاه السوريين أفق سياسي جديد بعد خطاب إيهود أولمرت، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين وإسرائيل، ومغالطة استبعاد الخيار العسكري في التعامل مع إيران، ثم الدعوة إلى التشدد مع سوريا... قضايا نعرضها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. --------- "أفق سياسي واضح": خصصت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء للحديث عما سمته بالأفق السياسي الجديد الذي رسمه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في خطابه الذي ألقاه بمناسبة إحياء ذكرى ديفيد بن جوريون. فقد لاحظت الصحيفة بأن رئيس الوزراء رجع إلى ذات المقاربة التي سطرها في بداية توليه رئاسة الحكومة والمتمثل في الانسحاب من جزء كبير من الأراضي الفلسطينية، وإخلاء معظم المستوطنات، والسماح بقيام دولة فلسطينية مستقلة بما يضمن استمرار دولة إسرائيل في المستقبل. وبالرجوع إلى الشعب الفلسطيني، ركزت الصحيفة على اقتراح أولمرت بالتفاوض مع الفلسطينيين حول إقامة دولتهم المستقلة على أراض متصلة في الضفة الغربية سيتم رسم حدودها وفقا للرسالة التي وجهها الرئيس بوش إلى أرييل شارون في أبريل 2004. وهي الرسالة التي تسمح للدولة العبرية بالاحتفاظ بالوحدات الاستيطانية الكبرى داخل إسرائيل ووضع الحدود على طول مسار الجدار العازل. لكن الصحيفة أشارت أيضاً إلى الشروط التي طرحها أولمرت في خطابه على الفلسطينيين لاستئناف المفاوضات والمتمثلة في تشكيل حكومة جديدة تلتزم بمبادئ اللجنة الرباعية التي تنص على الاعتراف بإسرائيل، وتفكيك ما تسميه إسرائيل بالمنظمات الإرهابية. وحسب الصحيفة، يُشكل خطاب أولمرت انطلاقة جديدة للعملية السياسية من خلال إعادة الموضوع الفلسطيني إلى مكان الصدارة في الأجندة الوطنية الإسرائيلية. والخطاب هو أيضاً خطوة إلى الأمام، ترمي إلى سحب البساط مما يتردد من مبادرات تسعى إلى فرض حل على إسرائيل لتعيد المبادرة إليها مجدداً. "من أجل وقف إطلاق نار طويل المدى": بهذا العنوان استهلت صحيفة "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم الأحد متطرقة إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. فرغم ترحيب الصحيفة بالاتفاق الذي سيساهم في حقن الدماء لدى كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فإنها لا تخفي تشككها من إمكانية نجاح الاتفاق واستمراره طويلاً. فحتى مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ يوم السبت الماضي واصل الفلسطينيون، كما تقول الصحيفة، إطلاق صواريخ "القسام" على إسرائيل، حيث سارعت "حماس" إلى ادعاء المسؤولية متذرعة باستمرار العمليات العسكرية في الضفة الغربية. وهو ما ردت عليه السلطات الإسرائيلية بأن الاتفاق لا يسري على الضفة الغربية، وبأنه يقتصر فقط على قطاع غزة. لكن الصحيفة تورد هذا المثال وغيره لتخلص في النهاية إلى استحالة ضمان التطبيق الصارم لاتفاقات وفق النار ما لم تتصد إسرائيل لما تسميه الصحيفة بقدرات المجموعات الإرهابية الفلسطينية وحرمانها من البيئة الاستراتيجية التي تستفيد منها. فلا فائدة من اتفاقات وقف إطلاق النار إذا استمر تدفق الأسلحة عبر الحدود بين مصر وقطاع غزة لتصل إلى "حماس" وغيرها من المنظمات. ولن يشكل وقف إطلاق النار في هذه الحالة كما تقول الصحيفة سوى فرصة أخرى للإرهابيين لرص صفوفهم وتطوير قدراتهم. لذا فإن أي اتفاق لوقف إطلاق النار لا يعالج ضرورة مراقبة مصر لحدودها لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة. وإلى جانب ضبط مصر لحدودها مع قطاع غزة تدعو الصحيفة إلى تغيير وجهة نظر الدبلوماسية الدولية التي تدين على حد قولها "الضحية" إسرائيل وتغفل عن الفلسطينيين في إشارة إلى قرار الجمعية العامة الذي أدان إسرائيل قبل أيام. "مغالطة استبعاد الخيار العسكري": كتب العقيد الإسرائيلي المتقاعد جونثان أرييل مقالا يوم الإثنين في صحيفة "جيروزاليم بوست" يتناول فيه الملف النووي الإيراني والطريقة الأمثل من وجهة نظره في التعامل معه. فهو ينتقد السياسيين سواء في إسرائيل، أو الغرب الذين يستبعدون الخيار العسكري لوقف البرنامج النووي الإيراني بدعوى عدم جدوى التدخل العسكري وعجزه عن تحقيق النتائج المرجوة. ويسوق المعارضون حججاً مثل توزع المنشآت النووية الإيرانية في أماكن متفرقة في إيران ووجودها في مواقع محصنة يصعب استهدافها. والحال أن المشكلة كما يراها الكاتب ليست في نقص القدرات العسكرية لإسرائيل، أو الولايات المتحدة بما يتوفران عليه من سلاح جوي متقدم جدا وأسلحة متطورة قادرة على اختراق التحصينات وإلحاق الدمار بالمنشآت النووية، وإنما في عدم توفر الإرادة السياسية لوقف الطموح النووي الإيراني. فالكاتب يدافع عن الخيار العسكري ويوصي بشن حملة جوية مكثفة على إيران تتجاوز نتائجها مجرد تدمير المرافق النووية الإيرانية، إلى إسقاط النظام أيضاً. والأكثر من ذلك يقترح الكاتب استهداف القيادات الدينية والعسكرية الإيرانية وضرب "حرس الثورة"، ثم فتح المجال أمام معارضي النظام للنزول إلى الشارع والإطاحة بالنظام. ورغم إشارة الكاتب برفض العقيدة العسكرية الأميركية استهداف قادة الدول حتى العدو منها، إلا أنه يدعو إلى التحلي بالإرادة السياسية اللازمة لتغيير تلك العقيدة واستهداف قادة إيران. "العصا بدل الجزرة في التعامل مع النظام السوري": تناول الكاتب الإسرائيلي ستيوارد ديتشيك الموضوع السوري من خلال المبادرة التي تقترحها "مجموعة دراسة العراق" بالتحاور مع سوريا وإيران لحل الأزمة العراقية، وانفتاح سوريا بدورها على جاره العراق بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. فالكاتب يلاحظ أنه في نفس اليوم الذي طبعت فيه سوريا العلاقات مع العراق، وفي الأسبوع نفسه من تسرب أنباء حول حوار أميركي مرتقب مع النظام، يقول الكاتب إن شبهات تدور حول وقوف سوريا وراء اغتيال عضو البرلمان اللبناني بيير الجميل. وينطلق الكاتب من هذه الحادثة، فضلا عن تجربته الشخصية في رفع دعوة على النظام السوري لإطلاق سراح "زشاري بوميل"، الأميركي الذي انضم إلى الجيش الإسرائيلي سنة 1982 ليدعو إلى التشدد في التعامل مع النظام. ففي رأي الكاتب لا يجدي التلويح بالحوار لبعض الدول العربية التي تتبنى مواقف غير معتدلة مثل سوريا، موصياً باتباع طريق أكثر صرامة حتى لا تفهم مبادرات الانفتاح الأميركية على أنها ضعف، أو عجز عن المواجهة. والدليل حسب الكاتب هو استمرار النظام السوري في استهداف شخصيات سياسية لبنانية بهدف زعزعة الاستقرار والعودة مجردا إلى لبنان، رغم كل محاولات الانفتاح عليه. إعداد: زهير الكساب