قبل يومين، أعلن مسؤول استخباراتي أميركي كبير أن "حزب الله" قام بتدريب أعضاء من "جيش المهدي"، الميليشيا الشيعية العراقية التي يتزعمها مقتدى الصدر. وحسب المسؤول الأميركي، فإن ما بين ألف وألفي مقاتل من "جيش المهدي" تلقوا تدريباً على يد "حزب الله" في لبنان، وأن عدداً صغيراً من أعضاء "حزب الله" قام أيضاً بزيارة العراق بهدف تدريب مقاتلي "جيش المهدي"، وأن إيران سهلت الاتصال بين "حزب الله" والميليشيات الشيعية في العراق، وأن المسؤولين السوريين ساهموا أيضاً في العملية، رغم أن ثمة جدلاً حول ما إن كان ذلك تم بمباركة من القادة الكبار في سوريا. وقد تحدث المسؤول الاستخباراتي، شريطة عدم ذكر اسمه، انسجاما مع قوانين الوكالة التي يعمل فيها. الحديث جرى في وقت يتميز بنقاش حاد حول ما إن كان ينبغي على الولايات المتحدة اللجوء إلى مساعدة إيران من أجل إرساء الاستقرار في العراق. وفي هذا الإطار، من المتوقع أن تدعو "مجموعة دراسات العراق"، التي يرأسها جيمس بيكر وزير الخارجية "الجمهوري" السابق؛ والمشرع "الديمقراطي" السابق، "لي هاملتون"، إلى محادثات مع إيران. غير أن الحديث عن دور مفترض لـ"حزب الله" في تدريب الميليشيات الشيعية من شأنه أن يقوي موقف المعارضين داخل إدارة بوش لتعاون دبلوماسي مع إيران. وتنسجم الرواية الأميركية الجديدة مع حديث أحد قادة "جيش المهدي" في العراق هذا الشهر عن إرسال 300 مقاتل إلى لبنان من أجل القتال إلى جانب "حزب الله" فيما يبدو، والذي قال "إنهم اختيروا من بين أقوى المقاتلين في جيش المهدي وأفضلهم تدريباً". وقد استندت المعلومات الاستخبارية المستقاة إلى موارد بشرية ووسائل إلكترونية واستجوابات مع المعتقلين في العراق. ويقول المسؤولون الأميركيون إن الإيرانيين وفروا دعماً مباشرا للميليشيات الشيعية في العراق، من قبيل مدهم بالمتفجرات وأجهزة التفجير الخاصة بالقنابل التي تزرع على حافة الطريق، وتدريب آلاف المقاتلين، وأن التدريب تم تحت إشراف "الحرس الثوري الإيراني" ووزارة الاستخبارات والأمن. وخلال الحديث الصحفي الذي جرى يوم الاثنين، طُلب من المسؤول الاستخباراتي تقديم تفاصيل أوفى حول الدور الإيراني، فقال "لقد شكلوا حلقة وصل مع "حزب الله" اللبناني، وساعدوا على تسهيل إجراء التدريب الذي قدمه "حزب الله" داخل العراق، ولعل الأهم من ذلك كله هو مساهمتهم في تسهيل ذهاب أعضاء من "جيش المهدي" إلى لبنان"، مضيفا أن التدريب الذي وفره "حزب الله" تم بعلم مقتدى الصدر، الذي يعد أكثر رجال الدين الشيعة نفوذاً في العراق. ورأى المسؤول أنه لئن كانت إيران ترغب في عراق مستقر، فإنها ترى في الآن نفسه مصلحة في "زعزعة مُسيرة للاستقرار على المدى القريب" حتى تُحبط أهداف إدارة بوش في المنطقة، مضيفاً: "يبدو أن قراراً استراتيجياً اتُّخذ خلال أواخر الشتاء المنصرم أو أوائل الربيع من قبل دمشق وطهران إضافة إلى شركائهم في (حزب الله) اللبناني ويقضي بمد (الصدر) بالمزيد من الدعم بهدف زيادة الضغط على الولايات المتحدة". والحقيقة أن بعض خبراء الشرق الأوسط يشككون في تقييم الدور الذي قد يكون "حزب الله" لعبه على صعيد التدريب. وفي هذا الإطار، يقول "فيلنت ليفريت"، زميل مؤسسة "نيو أميركا فاونديشين" والخبير السابق في شؤون الشرق الأوسط "يبدو لي ذلك مختلَقا نوعا ما؛ إذ يصعب علي التفكير في أنها جزء فعلاً من التطورات التي نراها على الميدان". غير أن خبراء آخرين يرون أن التقييم وارد. وفي هذا السياق، تقول "جوديث كيبار" من "مجلس العلاقات الخارجية" الأميركي" "أعتقد أنه أمر وارد لأن "حزب الله" هو الأفضل في هذا المجال، كما أن ذلك يقوي علاقاته مع إيران وسوريا والعراق". ويقول المسؤول الاستخباراتي الأميركي إن "جيش المهدي" ومقاتلي ميليشيات أخرى سافروا إلى لبنان في مجموعات من 15 و20 فرداً ، وأن بعضهم كان حاضراً خلال الحرب التي دارت رحاها بين "حزب الله" وإسرائيل الصيف المنصرم، وإن لم يكن ثمة مؤشر على أنهم شاركوا في القتال. وجوابا على سؤال حول الأمور التي تعلمها أعضاء الميليشيات، أجاب المسؤول قائلاً "إنها شملت الأسلحة، وصنع القنابل، والاستخبارات، والاغتيالات". ويقول المسؤولون الأميركيون إن ثمة معلومات استخباراتية تفيد بأن إيران قامت بشحن معدات إلى لبنان يمكن استعمالها في صنع متفجرات متطورة قادرة على اختراق المدرعات، مضيفين أنه مادام أن أعضاء الميليشيا العراقية ذهبوا عبر الأراضي السورية، فإن بعض المسؤولين السوريين على الأقل متواطئون. وعلاوة على ذلك، فقد وردت تقارير تفيد بانعقاد اجتماعات بين عماد مغنية، وهو أحد أعضاء "حزب الله" الكبار، وقاسم سليماني من "الحرس الثوري الإيراني"؛ وممثلين سوريين قصد مناقشة سبل زيادة الضغط على الولايات المتحدة في العراق. وإلى ذلك، قال القائد من "جيش المهدي" الذي جرى استجوابه الصيف الماضي إن المجموعة التي أُرسلت إلى لبنان تسمى "كتيبة علي الهادي"، نسبة إلى واحد من الإمامين اللذين يوجد ضريحاهما بمسجد العسكرية في سامراء، والذي أدى تفجيرُه في فبراير المنصرم إلى غضب واسع بين الميليشيات الشيعية وزاد من حدة الاقتتال الطائفي. وحسب نفس المصدر، فإن الكتيبة جرى تنظيمها وإرسالها من قبل عضو كبير في "جيش المهدي" يعرف باسم أبي مُجتبى، وقد سافرت إلى سوريا عبر الحافة في يوليو الماضي، ومن ثم عبرت إلى لبنان. وأضاف أن المقاتلين كانوا من الديوانية والبصرة إضافة إلى أحياء شيعية مثل حي الشعلة ومدينة الصدر في بغداد. والواقع أن قلق المسؤولين الأميركيين إزاء دور إيران أو سوريا أو "حزب الله" المزعوم زاد مؤخراً بعد استعمال سلاح متطور مضاد للدبابات من طراز "آر بي جي 29" ضد دبابة أميركية. وفي هذا السياق، قال الجنرال جون أبي زيد، قائد القيادة الأميركية المركزية، للصحافيين في سبتمبر الماضي "إن المرة الأولى التي رأينا فيها هذا السلاح لم تكن في العراق، وإنما في لبنان. وبالتالي، فهي تشير في نظري إلى حلقة إيرانية". " مايكل غوردون وديكستار فيلكينز ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسلا "نيويورك تايمز" في واشنطن ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة" نيويورك تايمز"