من منا لا تهاجمه مشاعر التعاسة!.. بالتأكيد كل منا يتعرض لهذه المشاعر, وهو أمر طبيعي, فنحن بشر نحس بالألم والحزن والفرح والسعادة, ولكن عندما تسيطر التعاسة على الإنسان وتصبح سمة لا تفارقه, هنا يبدأ السؤال في فهم أسبابها ولماذا تشق التعاسة طريقها إلى أحاسيسنا وتتحول الأشياء الجميلة إلى تعاسة وتفقد مذاقها وفعاليتها في تحريك مشاعر الفرح والسعادة. أول الطريق للتعاسة, جهل الإنسان بالهدف من حياته, وصعوبة تحديد ماذا يريد, وتشويش الأفكار... يقوم بعمل ولا يتمه، يتحول إلى عمل آخر ويحس بالملل مرة أخرى... وهكذا يجد نفسه في دوامة؛ لا يعرف من أين يبدأ وأين ينتهي... مشاعر مدمرة للنفس عندما لا ترى العين إلا الأشياء المحزنة ويعجز القلب عن استقبال الأشياء الجميلة. الأشخاص الذين تغلب عليهم مشاعر التعاسة، يجهلون فن الحياة, والعلاقات الإنسانية وفهم الذات. لا يمكننا أن نشعر بالسعادة إذا ما فشلنا في التواصل مع النفس, ومن أشد الأشياء المؤلمة أن لا تفهم نفسك. الإنسان عليه أن يبدأ بحوار ذاتي ويتخاطب مع نفسه وكأنه يتحدث مع شخص آخر, ويبدأ باسترجاع الأحداث التي مر بها طوال اليوم ويتلمس الخطأ والصحيح في سلوكه ويدخل في عملية تقييم ذاتي لاستجاباته. ومن خلال هذه العملية، يقترب من نفسه ويتفهم احتياجاته. الانفراد مع النفس ولو لدقائق بسيطة، طريقنا لفهم مشاعرنا, وما يؤرقنا, والوسيلة للتخلص من الخبرات المحزنة أو السلبية حتى لا نقع في شباكها... أشخاص نجدهم يقلقون من مشاعر الفشل, فنجدهم يفتقدون للدافعية لاكتشاف الجديد ويميلون للانطواء خوفاً من المجهول. هؤلاء الأشخاص ينجذبون للأفكار السلبية وتسيطر عليهم مشاعر الخوف وتتحول حياتهم إلى جحيم. الإنسان الذي يعرف ماذا يريد, يستطيع الوصول إلى غايته بإصراره على الوصول إلى الهدف, فالحياة ما هي إلا سلسلة من المغامرات التي نخوضها, قد نفشل مرة وننجح في الأخرى, وما علينا إلا أن نضع ثقة كبيرة في أنفسنا ونفكر بإيجابية, ولا نجزع من الفشل, فالفشل طريق النجاح, إذا ما كانت لدينا العزيمة في تخطي هاجس الفشل. جلسة مع الذات ومراجعة الأخطاء ومحاسبة النفس تعيد لنا الحيوية في رؤيتنا للحياة, وتدخل الراحة إلى قلوبنا. سؤال علينا أن نوجهه لأنفسنا لماذا: يعتريني شعور الغضب؟ ولماذا لا أشعر بالراحة النفسية؟ أسئلة علينا أن نفكر فيها خلال جلسة مع الذات، ونحاول أن نغوص في الأعماق لنتحسس الخلل الذي عطل الإحساس بالراحة, وأن لا نخجل من الحديث مع الصديق والحبيب بهدف الإفضاء بما يعتمل في النفس, فالحديث مع النفس أو مع الصديق، يعيد لنا الثقة ويدفعنا نحو كل ما هو إيجابي. الحوار مع الآخر وخصوصاً الأشخاص المقربين لقلوبنا، يخفف عنا ضخامة الضغط الذي نتعرض له ونحن بحاجة إلى المشاركة في همومنا وأفراحنا, بحاجة إلى من يتفهم و ينصت لنا... الكلام ينساب عندما نجد من نرتاح له, وللكلام فعله في تفهم الخلل الذي يؤرقنا ويعطل إحساسنا بالسعادة! الحياة مليئة بالجمال, والجمال إحساس يدخل البهجة على الإنسان, والإحساس بمشاعر الفرح يأتي من أشياء بسيطة قد تكون حولنا، لكننا ونتيجة للتشويش النفسي نضل الطريق ونجد أنفسنا حبيسي مشاعر الحزن والتشاؤم. وعندما تسيطر علينا الأحاسيس السلبية، يبدو كل ما حولنا سلبياً, وتتحول النفس إلى شحنة من مشاعر اليأس!