أفاد التقرير السنوي حول مرض نقص المناعة المكتسب "الإيدز"، والصادر يوم الثلاثاء الماضي عن الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بأن المرض واصل، خلال هذا العام، تفشِّيه في جميع مناطق العالم، بل واستأنف ارتفاعه في بعض المناطق التي كانت في فترات سابقة من بين المناطق التي تشهد انخفاضاً في معدلات الإصابة بالمرض. فعلى الرغم من أن وتيرة انتشار هذا المرض الفتاك، قد عرفت انخفاضاً منذ السنوات الأولى للداء، فإنه من المتوقع خلال العام الجاري، أن تبلغ حصيلة ضحايا الإيدز 2.9 مليون حالة وفاة و4.3 مليون حالة إصابة بفيروس المرض. وحسب مسؤولين أممين في مجال الرعاية الصحية، فإن 39.5 مليون شخص مصابون حالياً بهذا الفيروس. وقد تسبب داء فقدان المناعة المكتسب في مقتل أكثر من 25 مليون شخص منذ الإعلان عن أول حالة عام 1981، وهو ما يجعل منه واحداً من أفتك الأمراض في التاريخ. وفي هذا السياق، قال أمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان: "لقد غيَّر الإيدز خلال فترة ربع قرن العالم بشكل جذري". ولعل أكثر ما يخشاه المسؤولون الصحيون هو ارتفاع معدل الإصابة بالعدوى في المناطق التي يوجد فيها المرض، حيث كانوا يعتقدون أنهم أحرزوا تقدماً على صعيد محاربة الفيروس. ففي أوغندا على سبيل المثال -يقول التقرير- توقف الانخفاض المهم في وتيرة انتشار فيروس فقدان المناعة المكتسب خلال عقد التسعينيات، كما ارتفعت معدلات انتقال العدوى في المناطق الريفية وبين النساء الحوامل. وفي هذا الإطار، يقول الدكتور "بول ديلي"، مدير قسم التقييم بـ"برنامج الأمم المتحدة لمحاربة الإيدز": "إن أحدث المعطيات الوطنية حول السلوك في أوغندا، التي كانت تعتبر في السابق قصة نجاح، تُظهر تجاهلاً لوسائل الوقاية". وعزا الدكتور "ديلي" الزيادة في هذا السلوك إلى التقاعس وتراجع برامج الوقاية والتمويل، وعدم التعامل مع مكافحة المرض باعتبارها التزاماً سياسياً. وقد أصيب المسؤولون الصحيون بخيبة أمل بسبب تغير شكل المرض في تايلاند. فإذا كانت حالات العدوى الجديدة في البلاد ما تزال منخفضة، فإن مجموعة كان يُعتقد في السابق أن خطر إصابتها بالمرض ضئيل -وهي مجموعة النساء المتزوجات- باتت تشكل اليوم ثلث حالات العدوى الجديدة. وإضافة إلى ذلك، لا تزال دول أفريقيا جنوب الصحراء على رأس قائمة الدول المحتضنة لأكبر عدد من الأشخاص المصابين بالمرض، إلا أن أكثر الارتفاعات العامة لفتاً للانتباه في حالات العدوى -حسب التقرير الصادر عن الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية- حدثت في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، وهو منحى بدأ قبل عدة سنوات. وفي هذا السياق، من المتوقع تسجيل 270000 حالة عدوى جديدة في تلك المنطقة بنهاية العام الجاري، وهو ما يمثل ارتفاعاً بـ70 في المئة مقارنة بمعدلات تم رصدها قبل عامين. وقد ظهر ثلث الحالات الجديدة بين الأشخاص المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، وجميعهم تقريباً في روسيا وأوكرانيا. ويقول الدكتور "كيفين ديكوك"، مدير قسم الإيدز بمنظمة الصحة العالمية: "إن بعض أكثر الأمراض انتشاراً في العالم اليوم، في حالة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والشرقية، إنما هي نتيجة لاستعمال حُقن المخدرات". والواقع أن أوروبا الغربية، ولاسيما بريطانيا، عرفت هي الأخرى ارتفاعاً في معدلات الإصابة بفيروس الإيدز، الذي يعزى -حسب "كارين ستانيكي"، المستشارة المتخصصة في علوم السكان بـ"برنامج الأمم المتحدة لمحاربة الإيدز"- إلى ارتفاع حالات الشذوذ. غير أن مؤشرات مشجعة يقول المسؤولون إنها ظهرت في أوساط الشباب في ثمانية بلدان أفريقية؛ فحسب المسؤولين الصحيين، كان الانخفاض في معدلات الإصابة بفيروس الإيدز بين الأشخاص المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة هو الأهم من نوعه، حيث ساهم انخفاضٌ في الإصابة بالعدوى يُقدر بأكثر من 25 في المئة في المناطق الريفية والحضرية في انخفاضِ نسبة الإصابة بالمرض على المستوى الوطني. كما شهدت المناطق الحضرية في زيمبابوي وساحل العاج ومالاوي والمناطق الريفية في بوتسوانا انخفاضاً مماثلاً. أما في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي وأميركا الشمالية، فقد ظل عدد حالات العدوى الجديدة ثابتاً، حيث تم تشخيص 43000 شخص في أميركا الشمالية هذا العام. غير أن "ستانيكي" لا تبدو راضية عن هذا الاستقرار إذ تقول "إننا نعتقد أن استقرار حالات العدوى الجديدة ليس بالخبر السار"، مضيفة "إننا نعتقد أن هذا هو المكان الذي يجب تركيز برامج التوعية والوقاية فيه". ومن جانبه، حث "ديكوك" على إعداد المزيد من البرامج الهادفة الموجهة لمدمني المخدرات، قائلاً إن الدليل العلمي أثبت أنهم الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى. ومما يجدر ذكره في هذا السياق أن برامج التوعية التي استهدفت مستعملي المخدرات عبر الحقن في البرتغال على سبيل المثال أدت إلى انخفاض بنسبة 31 في المئة في عمليات تشخيص جديدة في الفترة من 2001 إلى 2005. جيارو تشونغ عضو هيئة التحرير في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"