يبدو أن الرئيس جورج بوش، كان لديه الكثير مما يجب عليه تأمله في بلاده وهو يحتفل بأعياد الشكر في نهاية الأسبوع الماضي. في مقدمة هذه الاهتمامات، سياساته إزاء العراق، وهي السياسات التي رفضتها الأغلبية الناخبة في الولايات المتحدة حسبما أشارت إلى ذلك نتائج انتخابات السابع من نوفمبر الجاري، مع العلم بأنها تخضع الآن للتمحيص وإعادة النظر، سواء من داخل "البنتاجون"، أم من قبل "مجموعة دراسات العراق"، التي يترأسها كل من وزير الخارجية الأسبق، جيمس بيكر، وزميله السيناتور السابق "لي هاملتون". ومهما يكن فإن الاستشارة التي بلغت إلى علم الرئيس الآن، هي أنه لم يعد في وسعه الحديث عن تحقيق النصر الكامل هناك، بما في ذلك أمله في بناء دولة علمانية ديمقراطية. ومما يثير السخرية أن عدداً من أشد منتقدي الرئيس بوش، على قراره بشن الحرب وكذلك سوء إدارته لعراق ما بعد الحرب، بمن فيهم الجنرال "أنتوني زيني"، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية، والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، شرعوا في القول الآن، إنه لمن الخطورة وانعدام المسؤولية بمكان، التفكير في إجراء خفض كبير في عدد الجنود الأميركيين الموجودين حالياً في العراق. فمن رأيهم أن إجراءً كهذا، سيدفع العراق إلى هوة أزمة أبعد قراراً وعمقاً. وفي هذه الأثناء، تتزايد الضغوط على واشنطن، باتجاه دفعها نحو الدخول في مفاوضات مباشرة مع جارتي العراق، إيران وسوريا، بما لهما من نفوذ وقدرة، على الحد من مستوى العنف الدائر فيه. والمعضلة أن لكل من سوريا وإيران، شروطهما المسبقة لمساعدة الولايات المتحدة على بسط الأمن والاستقرار المفقودين. فمن جانبها تطالب طهران برفع العقوبات الدولية المحتمل أن يفرضها عليها مجلس الأمن الدولي، بسبب برامجها النووية. أما دمشق، فليست لها من أولوية في جدول أعمالها، تفوق حرصها على تفادي تشكيل محكمة دولية لمحاكمة المتهمين في مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. أما من ناحيتها، فتعقد واشنطن العزم على مقاومة كلا المطلبين، بل وتدعو إلى محاسبة دمشق وطهران على سلوكهما. ومما زاد الطين سوءاً وبلة، اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيير الجميل، بكل ما يعرف عنه من تمسك بتخليص بلاده من أي نفوذ أجنبي عليها. ومما لاشك فيه أن هذه الحادثة سوف تزيد الأوضاع توتراً في لبنان. ومن التداعيات المحتملة لها، أن تفضي المواجهة الحالية بين حكومة فؤاد السنيورة و"حزب الله"، إلى أزمة دستورية، ثم إلى انهيار الحكومة نفسها، فاتحاً بذلك الطريق إلى عودة الحرب الطائفية في لبنان. وكانت هذه الأزمة قد تفاقمت إثر استقالة ستة من وزراء الحكومة الحالية، جميعهم من الموالين لدمشق. وكان حسن نصرالله، زعيم "حزب الله"، قد طالب بتخصيص ثلث مقاعد مجلس الوزراء اللبناني لحلفائه على الأقل، وهو ما يكفي لحجب أي تشريع يقضي بالتحقيق الدولي في حادثة اغتيال الحريري. ولكن خيراً فعلت حكومة السنيورة، بمضيها قدماً في دعمها لتشكيل محكمة دولية لذلك الغرض، عقب استقالة الوزراء الستة المذكورين. وعلى رغم سيطرة الحكومة على الوضع في الوقت الحالي، فإن الرياح العاتية تتجاذبها وتهزها من كل جانب. وبين هذا وذاك، لا يبدو أن قوة "اليونيفيل" الدولية الجديدة، التي جرى تعزيزها وتوسيع الصلاحيات المخولة لها، بما فيها طرد مليشيات "حزب الله" من جنوب لبنان، تحقق أي نجاح يذكر في مهمتها هذه. ومن ناحيتها لا تزال إسرائيل مُصرة على مواصلة طلعاتها الجوية العدوانية فوق الأجواء اللبنانية، الأمر الذي كاد أن يؤدي في الأسبوع الماضي، إلى توجيه ضربة لها من قبل القوات الفرنسية. ثم يضاف إلى هذا كله، تدهور الأوضاع وازديادها سوءاً في قطاع غزة. ذلك أن العنف والعنف المتبادل بين إسرائيل والمليشيات الفلسطينية المسلحة، لم يسفر عن ارتفاع عدد الضحايا والقتلى فحسب، وإنما جعل من اندلاع حرب أهلية فلسطينية أمراً ليس مستبعداً، إثر تصاعد موجة اليأس والإحباط هناك. وفي كل هذا ما لا يسر الرئيس بوش، فيما تبقى له من عامين من فترة ولايته. Classifications Comments and Actions Present in Collection Proofed. Originally received in RAPIDBrowser on Fri 24 Nov 2006 18:17 GST This item was derived from: جيفري كمب/ ص2/ الأحد 26 نوفمبر