كان الأسبوع المنصرم أسبوع صحيفة (7Days) الإنجليزية بلا منازع، فقد رشقتها أقلام الصحف العربية بسهام النقد والتوبيخ، ولم ينتهِ الأسبوع إلا وهي متهمة من قبلهم بأنها "الصحيفة اللعوب" و"النشرة الصفراء" و"المطبوعة المأجورة". وقد قامت القيامة على تلك الصحيفة ثلاث مرات حتى الآن، مرة لأنها هاجمت قرار وزير العمل بتوطين مهنة مندوبي الشركات والسكرتارية، وتعليق قرائها على القرار بوصف الإماراتيين بأنهم "أبناء الفورويل" ولا يصلحون للعمل. ومرة لنشرها تقريراً تحت عنوان "هل تودين المشاركة في مدرسة للمرأة اللعوب"، على غرار "المدرسة الأم" في روسيا، والتي تعلِّم النساء طرق الإيقاع بالرجال، ونقل الصحيفة عن سيدة، تعتزم إنشاء مدرسة مماثلة في الدولة، أنها تود لو أن نساء الإمارات ينظرن إلى مفردة "لعوب" باعتبارها شارة فخر. ومرة ثالثة حين تعاملت مع حديث صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" لصحيفة "الشرق الأوسط"، بأسلوب القص واللصق، وبأن قصّت قضية العمالة الوافدة من حديث سموه الذي تناول قضايا محلية وإقليمية وعربية ودولية، وألصقت كلاماً من عندها حين تحدث سموه عن العمالة الوافدة باعتبارهم عمالة مؤقئة وليست مهاجرة، وذلك بأن شرحت: "هؤلاء العمال الذين تتأخر أجورهم لشهور ويعانون من ظروف عمل صعبة ويعيشون في معسكرات عمل مزرية في وسط الصحراء"، وذلك بعد أيام فقط من تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" بشأن العمالة الوافدة في الإمارات. المشكلة ليس في المرّات التي حصلت، وستحصل غالباً، وعلاجها ليس أبداً في القيامات التي تعقب كل مرة، بل ينبغي النظر إلى الهدف من إصدار الصحيفة أصلاً. ولأن أحداً لا يعلم ما في القلوب من نوايا وما في العقول من خطط، فليس من سبيل إلى فهم هدف إصدار الصحيفة إلا بطرح عدد من التساؤلات، ربما أمكن بعد ذلك، استنتاج الهدف استنتاجاً. صحيح أن الاستنتاج يظلّ في النهاية استنتاجاً لا يرقى إلى مستوى الدليل القاطع، لكن يمكن تشبيه الاستنتاج بالشجرة وأغصانها وأوراقها، ولا يمثل الدليل القاطع إلا الثمرة. وقبل هذا، مفيد معرفة نبذة عن صحيفة (7Days) فقد صدرت في إبريل 2003 كصحيفة أسبوعية ثم تحوّلت إلى صحيفة يومية، ويستثمر رخصتها ثري آسيوي، وجلّ المشتغلين فيها آسيويون وغربيون، وكان يرأس تحريرها إلى ما قبل فترة قصيرة صحافي إماراتي، حيث يشترط القانون ذلك، لكنه انسحب منها. وتوزّع الصحيفة بالمجان نحو 75 ألف نسخة يومياً، وتصل إلى أبعد نقاط التوزيع في الدولة، معتمدة على الإعلانات الكثيرة التي تغطيها مالياً. بداية، ما الذي يدفع ثرياً آسيوياً إلى بعثرة نقوده في مشروع يكلّف الملايين من الدراهم؟ وهل كان هناك اتفاق ما بين الثري وأصحابه الأثرياء الأجانب بدعم الصحيفة منذ اليوم الأول بإعلاناتهم؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فلم يتفقون أصلاً، خاصة وأن مشروع إصدار صحيفة ليس مغرياً للتجار؟ وهل الأمر يتعدى التجارة والمال إلى البحث عن النفوذ وتشكيل الرأي العام؟ وإذا كان الأمر كذلك، فأين يمكن أن يصل ثري آسيوي، وجماعته، بعد أن يتنفذوا ويتحكموا في الرأي العام في بلاد يمثل الأجانب فيها أغلبية السكان؟