قرأت مقال د. سعد بن طفلة عن أزمة الحجاب في مصر وأعجبني رأيه في مسألة ارتداء الحجاب، ولكنني لا أتفق معه في المبالغة التي كتب بها مقاله. فالكاتب تطرق إلى الموضوع كما لو أن مصر يحكمها "الطالبانيون" ويديرون ثقافتها، وهذا غير صحيح. الهجوم على وزير الثقافة المصري، فاروق حسني، لم يكن بالأساس من جانب "الإخوان المسلمين"، الذين تبالغ أجهزة الإعلام في قوتهم كثيراً. "الإخوان المسلمون" في مصر ليسوا بذلك النفوذ الطاغي فشعبيتهم تتمركز في مناطق جغرافية محدودة في مصر ويمكن فهم ذلك من خريطة الدوائر الانتخابية التي فازوا بها، فهناك جماعات وتيارات سياسية ودينية أخرى منافسة خصوصاً في صعيد مصر، كما أن الشعب المصري ذاته غير قابل لتطبيق النموذج "الطالباني" في الحكم سواء من جانب "الإخوان" أو غيرهم، وبالتالي لا داعي للمبالغة. المشكلة في مصر تحديداً أن شعبها معتدل ومتدين بالفطرة ولا يقبل تصريحات مثل التي قالها فاروق حسني. ومن هنا كان الهجوم عليه ذا شعبية طاغية بدليل أن منتقديه من خارج "الإخوان" كانوا أشد قسوة من الخطاب "الإخواني" الذي يهتم بأمور أعمق من الحجاب والمظاهر الشكلية فـ"الإخوان" عينهم على كرسي الحكم، ولو أنك تابعت تحليل الأزمة من خلال الخطاب الصادر من المثقفين المصريين الذين دعموا فاروق حسني، ستجد أن هناك اتهاماً صريحاً لفكر ديني بعينه بأنه يقف وراء الردة الثقافية. فيصل عبد الباري- أبوظبي