دخلت العلاقة بين حكومة السودان ومجلس الأمن الدولي منحى جديداً طابعه الخلاف في تفسير القرارات وشرحها. حدث ذلك إثر الاجتماع الموسع الذي عقد في أديس أبابا بحضور ممثلين للقوى الخمس الكبرى في مجلس الأمن وممثلي الاتحاد الأفريقي والسودان. ما أن انتهى الاجتماع حتى أعلن كوفي عنان أن الحكومة السودانية وافقت مبدئياً على مشاركة قوات أممية مع القوات الأفريقية للعمل في دارفور، وأن الخلاف انحصر حول عدد القوات الدولية التي يرى السودان أن العدد المقترح منها كبير وأن الأمر سيخضع لمزيد من التشاور، على أن تكون القوات الأممية قادمة من بلدان أفريقية ودول مسلمة. ومباشرة بعد تصريح الأمين العام للمنظمة الدولية، صرح الرئيس الأميركي مرحباً بذلك. لكن جاءت المفأجاة، وهي أن حكومة السودان أعلنت على لسان وزير خارجيتها أنها لم توافق على ما قاله عنان الذي ترى أنه فسر ما اتفق عليه بصورة لا تقبلها الخرطوم. وأكد الوزير السوداني أن ما تم الاتفاق عليه هو أن تدعم الأمم المتحدة قوات الاتحاد الأفريقي مالياً ولوجستياً، وقال مرة أخرى إن السودان لا يوافق على وجود قوات دولية في دارفور. هكذا أسدل الستار على ما جرى في أديس أبابا دون نتائج تغير من الواقع المعروف. لكن حكومة السودان بدأت تحاول الالتفاف حول إصرار المجتمع الدولي على التدخل العسكري في دارفور، وذلك بمشاركة دولتين عربيتين، هما مصر وليبيا، إضافة إلى تشاد وأفريقيا الوسطى. لقد عقد في العاصمة الليبية اجتماع قمة لهذه الدول كان غرضه التوسط بين السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى، حتى تهدأ الأحوال بين الطرفين ويلتزم الكل بعدم التدخل في شؤون الآخر. إنها محاولة لإطفاء نار أوشكت أن تندلع بين السودان وهاتين الدولتين كأثر من آثار ما يجري في إقليم دارفور. كذلك تمكن الوسطاء العرب (مصر وليبيا) من إقناع فصيل واحد من الفصائل التي لم توقع على "اتفاق أبوجا" حول السلام في دارفور من الوصول إلى اتفاق مع الخرطوم. بيد أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في طرابلس باستقطاب جماعة أخرى للانضمام لاتفاق (أبوجا)، لا يعني أنه قد تمت السيطرة كاملة على الأمر، إذ ما زالت هناك فصائل أخرى تحمل السلاح في دارفور ولا تقبل بما جرى في أبوجا في مايو الماضي ولا ما تم التوصل إليه في العاصمة الليبية هذا الأسبوع. وقد أعلنت تلك الفصائل رأيها متهمة الفصائل التي اتفقت مع الحكومة السودانية بأنها تنكرت لقضية أهل دارفور في مقابل مكاسب ذاتية لفرد أو لأفراد. ويظل الوضع كما هو في دارفور بل إنه، حسب المبعوث الدولي يان إيغلاند، قد زاد تدهوراً وسوءاً عما كان عليه قبل بضعة شهور. محجوب عثمان