يبدو أن نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخراً تحمل في طياتها الكثير من الوعود لعائلات ضحايا 11 سبتمبر. فقد تعهدت "نانسي بيلوسي" الرئيسة الجديدة لمجلس "النواب" في الكونجرس خلال حملتها الانتخابية بالعمل على تطبيق توصيات اللجنة المشكلة للتحقيق في أحداث 11 سبتمبر، وذلك في فترة لا تتعدى مئة يوم على وصولها إلى منصب رئيسة مجلس النواب. وتبعث تصريحات بيلوسي التي تعهدت فيها بالاهتمام بالموضوع وإيلائه ما يستحق من عناية الأمل في نفوس العائلات التي لا تريد لتلك الهجمات الرهيبة أن تتكرر مرة أخرى. فمنذ أن لقيت والدتي حتفها في ذلك اليوم الرهيب وأنا أضغط على الحكومة لتشكيل لجنة مختصة تسهر على التحقيق في الأحداث الأليمة وتفادي وقوعها مجدداً. لكن لماذا يخالجني الشك بعد مرور كل هذه المدة على تشكيل اللجنة؟ ربما لأن سياسيين آخرين سبقوا نانسي بيلوسي وأصدروا نفس الوعود، لكن دون أن يتمكنوا من الوفاء بها. فقد أجمع الرئيس بوش والسيناتور جون كيري في 2004 على أن وصول أسلحة الدمار الشامل إلى أيدي الإرهابيين هو الخطر الأكبر الذي يتهدد الأمة. لكن بعد مرور عامين على ذلك الاتفاق لم يقم الرئيس ولا "الديمقراطيون" بما يكفي لجعل مسألة مكافحة الإرهاب النووي على قمة أولوياتهم. ولم يكن غريباً أن تحظى جهود الحكومة في مجال مراقبة أسلحة الدمار الشامل في العالم بدرجة متدنية في تقييم لجنة 11 سبتمبر خلال شهر ديسمبر الفائت. وكنت أنتظر من الزعماء السياسيين لاسيما في قضية يجمعون دون تردد على خطورتها المحدقة بأمننا القومي مثل الإرهاب النووي أن يبذلوا جهداً أكبر للحد من انتشارها. ومع ذلك علينا ألا نغمط حق بعض السياسيين الذين أصبحوا مصدر أمل حقيقي، لاسيما الذين تجاوزو التنافس الحزبي وسعوا إلى العمل بروح الفريق. فقد ضم عضو مجلس النواب "الجمهوري" كريستوفر شايز جهوده إلى جهود زميلته "الديمقراطية" كارولين مالوني (من نيويورك) لاقتراح مشروع قانون يسعى إلى تطبيق التوصيات الـ41 التي خرجت بها لجنة 11 سبتمبر. لكن مشروع القانون تعرض للتعطيل تحت قبة الكونجرس بسبب امتناع قادة الحزبين عن الموافقة على المشروع حتى لا يحسب القانون على أنه مبادرة الحزب الخصم، وللأسف كانت بيلوسي إحدى قادة الحزب "الديمقراطي" الذين عبروا عن تحفظهم إزاء مشروع القانون. وإذا كانت نانسي بيولسي ملتزمة فعلاً كما قالت بتطبيق جميع توصيات اللجنة المكلفة بالتحقيق في أحداث 11 سبتمبر فإنه عليها اتباع الوجهة الصحيحة. فقد تعهدت بتسمية رئيس جديد للجنة الاستخبارات في الكونجرس بدلاً من "الديمقراطية" جين هارمان، العضو الحالي البارز في اللجنة والأكثر خبرة ومراساً من كافة الأعضاء. غير أن إعفاء هارمان من ترؤس لجنة الاستخبارات في الكونجرس يناقض ما نصت عليه لجنة 11 سبتمبر من ضرورة إبقاء رؤساء اللجان الذين يتمتعون بخبرة طويلة والمطلعين على الملفات في أماكنهم حتى لا يتأثر عمل تلك اللجان. لذا فإن ذهاب النائبة هارمان في الوقت الذي تحتاج فيه لجنة الاستخبارات إلى شخص بخبرتها يعد ضربة حقيقية لتوصيات لجنة 11 سبتمبر. ومع ذلك مازالت أمام "نانسي بيلوسي" فرصة لإثبات قدرتها على العمل والوفاء بوعودها التي قطعتها على نفسها في حملتها الانتخابية. فعلى سبيل المثال يمكنها العمل على استحداث منصب مستشار للرئيس يسهر على مسألة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل كما نصت على ذلك لجنة 11 سبتمبر، بالإضافة إلى نشر الموازنة السنوية لوكالات الاستخبارات المختلفة على الملأ. كاري ليمارك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ناشطة أميركية شاركت في تأسيس "جمعية عائلات ضحايا 11 سبتمبر" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"