في زحمة الحماس الانتخابي الذي يعيشه المرشحون للانتخابات البرلمانية في الإمارات، والتي ستكون بعد ثلاثة أسابيع تقريباً، أصبحنا نسمع مصطلحات جديدة صار يستخدمها المواطن الإماراتي اليوم ولم تكن موجودة في قاموسه من قبل، وأكثر تلك المصطلحات استخداماً هي الديمقراطية والبيروقراطية والديكتاتورية وغيرها. بلا شك فإن الثقافة السياسية جزء مهم من شخصية المرشح، فمن غير الكافي أن يكون المرشح متحمساً للفوز بالانتخابات وراغباً في أن يساعد المواطنين ويحل المشكلات التي مرت عليها عقود دون أن تحل! أو حل المشكلات الحديثة... فبعض الأساسيات والقواعد مهمة لتكون شخصية العضو البرلماني قوية وإيجابية ومن الأمورالتي نفترض أن يعرفها العضو هي بعض المصطلحات السياسية والتي أعتقد أن كثيراً من المرشحين يعرفونها ولكن هناك فئة قد لا تعرفها ومن المهم أن تعرفها ولو من باب العلم بالشيء. من اليوم وصاعداً من المهم أن نتحدث عن هذه المصطلحات بشيء من التفصيل، فلا شك أن هذه الأمور ستفيد الناخب والمرشح وبالتالي تثري الحياة السياسية في الإمارات، والتي بقيت لسنوات طويلة لا تهم إلا فئة محددة من المجتمع هي فئة المثقفين والكتاب والأكاديميين، وقد جمعت هذه المصطلحات من مصادر مختلفة ونقلت بعضها حرفياً من باب الأمانة العلمية. أول مصطلح نشير إليه هو الديمقراطية وهي مصطلح يوناني مؤلف من لفظين الأول (ديموس) ومعناه الشعب، والآخر (كراتوس) ومعناه سيادة، فمعنى المصطلح إذن "سيادة الشعب أو حكم الشعب"... والواقع أن الديمقراطية هي نظام سياسي اجتماعي تكون فيه السيادة لجميع المواطنين ويوفر لهم المشاركة الحرة في صنع التشريعات التي تنظم الحياة العامة. والديمقراطية كنظام سياسي تقوم على حكم الشعب لنفسه مباشرة، أو بواسطة ممثلين منتخبين بحرية كاملة، كما يُزعم! إما أن تكون الديمقراطية اجتماعية، أي أنها أسلوب حياة يقوم على المساواة وحرية الرأي والتفكير، وإما أن تكون اقتصادية تنظم الإنتاج وتصون حقوق العمال، وتحقق العدالة الاجتماعية. إن تشعب مقومات المعنى العام للديمقراطية وتعدد النظريات بشأنها، علاوة على تميز أنواعها وتعدد أنظمتها، والاختلاف حول غاياتها، ومحاولة تطبيقها في مجتمعات ذات قيم وتكوينات اجتماعية وتاريخية مختلفة، يجعل مسألة تحديد نمط ديمقراطي دقيق وثابت مسألة غير واردة عملياً، إلا أن للنظام الديمقراطي ثلاثةأركان أساسية: حكم الشعب، المساواة والحرية الفكرية. المصطلح الشهير الآخر، والذي يكرره كثير من المرشحين للانتخابات، هو البيروقراطية التي يراهن البعض على أن محاربته لها قد توصله إلى قبة البرلمان بسهولة... والبيروقراطية تعني نظام الحكم القائم في دولة ما يُشرف عليها ويوجهها ويديرها طبقة من كبار الموظفين الحريصين على استمرار وبقاء نظام الحكم لارتباطه بمصالحهم الشخصية؛ حتى يصبحوا جزءاً منه ويصبح النظام جزءاً منهم. وترافق البيروقراطية جملة من قواعد السلوك ونمط معين من التدابير تتصف في الغالب بالتقيد الحرفي بالقانون والتمسك الشكلي بظواهر التشريعات، فينتج عن ذلك "الروتين"؛ وبهذا فهي تعتبر نقيضاً للتطور، حيث تنتهي معها روح المبادرة والإبداع وتتلاشى فاعلية الاجتهاد المنتجة، ويسير كل شيء في عجلة البيروقراطية وفق قوالب جاهزة، تفتقر إلى الحيوية. والمعنى الحرفي لكلمة بيروقراطية يعني حكم المكاتب. من غير المنطقي أن يعلن أحد المواطنين ترشحه للانتخابات وهو لا يعرف نظام الحكم في الامارات، وهو النظام الاتحادي أو كما يعرف بالنظام الفيدرالي، وهو نظام سياسي يقوم على بناء علاقات تعاون محل علاقات تبعية بين عدة حكومات يربطها اتحاد مركزي؛ على أن يكون هذا الاتحاد مبنياً على أساس وجود حكومة مركزية للدولة الاتحادية، وحكومات ذاتية للولايات أو الإمارات التي تشكل هيكل الدولة، ويكون توزيع السلطات مقسماً بين الحكومات الإقليمية والحكومة المركزية. أما ما يقابل الفيدرالية، فهي الكونفدرالية ويُطلق عليها اسم الاتحاد التعاهدي أو الاستقلالي، حيث تُبرم اتفاقيات بين عدة دول تهدف لتنظيم بعض الأهداف المشتركة بينها؛ كالدفاع وتنسيق الشؤون الاقتصادية والثقافية، وإقامة هيئة مشتركة تتولى تنسيق هذه الأهداف، كما تحتفظ كل دولة من هذه الدول بشخصيتها القانونية وسيادتها الخارجية والداخلية، ولكل منها رئيسها الخاص بها. من المصطلحات المهمة التي لا يمكن ألا يعرفها البرلمانيون الجدد في الإمارات، هما مصطلح "يسار" و"يمين"؛ فأول مرة تم فيها استخدام هذين الاصطلاحين كانت في البرلمان البريطاني، حيث كان يجلس المؤيدون للسلطة في اليمين، والمعارضون في اليسار؛ وأصبح يُطلق على المعارضين للسلطة لقب اليسار، وتطور الاصطلاحان نظراً لتطور الأوضاع السياسية في دول العالم؛ حيث أصبح يُطلق اليمين على الداعين للمحافظة على الأوضاع القائمة، ومصطلح اليسار على المطالبين بعمل تغييرات جذرية، ومن ثم تطور مفهوم المصطلحان إلى أن شاع استخدام مصطلح اليسار للدلالة على الاتجاهات "الثورية"، واليمين للدلالة على الاتجاهات المحافظة، والاتجاهات التي لها صبغة دينية. من الأمور المهمة التي يجب أن يعرفها كل مرشح هي نوع الحكومة التي سيعمل معها، وإذا ما استعرضنا أسماء أعضاء الحكومة، ابتداءا من الفريق أول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مروراً بجميع الوزراء، فيمكننا أن نصنف الحكومة الحالية على أنها حكومة "تكنوقراطية"، وهذا المصطلح السياسي نشأ مع اتساع الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي، وهو يعني (حكم التكنولوجية) أو حكم العلماء والتقنيين، أو حكم المتعلمين من حملة الشهادات العليا... وقد تزايدت قوة التكنوقراطيين نظراً لازدياد أهمية العلم ودخوله جميع المجالات وخاصة الاقتصادية والعسكرية منها، كما أن لهم السلطة في قرار تخصيص صرف الموارد والتخطيط الاستراتيجي والاقتصادي في الدول التكنوقراطية. وقد بدأت حركة التكنوقراطيين عام 1932 في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت تتكون من المهندسين والعلماء والتي نشأت نتيجة طبيعة التقدم التكنولوجي، أما المصطلح فقد استحدث عام 1919 على يد وليام هنري سميث الذي طالب بتولي الاختصاصيين العلميين مهام الحكم في المجتمع الفاضل. أما الدكتاتورية- والتي لا نعرفها والحمدلله في بلدنا ولكننا نسمع عنها من الخارج- فهي عكس الديمقراطية، وعلى الجانب الآخر من حقيقة ما يريده المواطن... وهي أيضا كلمة ذات أصل يوناني رافقت المجتمعات البشرية منذ تأسيسها، تدل في معناها السياسي حالياً على سياسة تصبح فيها جميع السلطات بيد شخص واحد يمارسها حسب إرادته، دون اشتراط موافقة الشعب على القرارات التي يتخذها. أحد الاصدقاء أرسل إلي هذه التعريفات الساخرة لبعض المصطلحات السياسية التي تسخدم في العالم العربي... الحرية: للشعب أن يقول ما يشاء وللحكومة أن تفعل ما تشاء... حرية النشر: تمارسها النساء على السطوح في المناطق الشعبية... الوحدة العربية: أن تعاني كل دولة عربية الشعور بالوحدة... التنوير: عملية تتم في الشوارع عندما يسكنها وزير... الشفافية: سمة ضرورية للملابس المستخدمة في عصر العولمة... القانون: آلة تصدر أصواتاً جميلة عندما تلعب بها أصابعك... الصراع الطبقي: صراع كل بيت على من الذي سيغسل الصحون اليوم... وأخيراً الفرق بين النظام الملكي والجمهوري هو أنه في النظام الملكي: عند وفاة الملك ينتقل الحكم لابنه ليصبح هو الملك الجديد... أما النظام الجمهوري؛ فعند وفاة الرئيس ينتقل الحكم لابنه ليصبح هو الرئيس الجديد!