على إثر فشل حل الورطة العراقية داخل العراق نفسه، بدأت "مجموعة دراسات العراق"، وهي مجموعة ثنائية حزبية مكلفة، برصد تأثيرات الدول المجاورة للعراق، وخاصة إيران، لما لها من تأثير ملحوظ وكبير على الشيعة العراقيين. وعلى الرغم من أن شيئاً من هذا الاتجاه لم يصرح به علناً، فإن جيمس بيكر رئيس المجموعة المشار إليها، وصديق كل من الرئيسين بوش الابن والأب معاً، قد عقد، خلال الآونة الأخيرة اجتماع عمل على طاولة العشاء مع جواد ظريف، سفير إيران لدى الأمم المتحدة، بمقر إقامته في مدينة نيويورك، امتد لثلاث ساعات. والمعلوم أنه ليس للولايات المتحدة الأميركية علاقات دبلوماسية مع إيران، وأنها من أشد المتصدين لها فيما يتصل ببرنامجها النووي. لذلك وعلى رغم إطلاع بيكر للبيت الأبيض يوم الاثنين الماضي على ما دار في ذلك الاجتماع، فإنه أكد عدم تمثيله للحكومة الأميركية رسمياً، بأي صورة من الصور. ومما يعرف عن بيكر أن له خبرة في مجال الدبلوماسية الثنائية والمتعددة الأطراف. ففي عام 1991، وبصفته وزيراً رفيع المستوى للخارجية في إدارة الرئيس بوش الأب، تمكن من تنظيم مؤتمر مدريد للسلام، بمساعدة روسية. وحضر ذلك المؤتمر ممثلون لإسرائيل والدول المجاورة لها. وبذلك فقد تمكن بيكر من إطلاق أولى مفاوضات مباشرة من نوعها بين إسرائيل وجاراتها من الدول العربية. أما المفاوضات الناجمة عن ذلك المؤتمر، فمثلت بدورها أحد أهم المحطات في عملية السلام الجارية، خلال السنوات الأخيرة الماضية. غير أن كل ذلك كان سابقاً بوقت بعيد، لظهور البرنامج النووي الإيراني، الذي جرّ عليها العقوبات الأميركية والإدانة والغضب الدوليين. على أن كل ذلك لا يقلل من قدرة إيران على التوسط في حل المواجهات الطائفية الجارية اليوم في العراق، بين المسلمين السُّنة والشيعة. وقد بلغت هذه المواجهات أوجاً دموياً تمثل في اختطافات يوم الثلاثاء الماضي، التي حدثت بالجملة والعشرات، جهاراً نهاراً تحت مرأى الجميع. لكن من المؤكد، أن إسرائيل سوف تقف حجر عثرة أمام أي مسعى لمشاركة إيران في أي مؤتمر إقليمي، يعقد لحل النزاعات الشرق أوسطية. وربما كان من قبيل المصادفة البحتة، تزامن وجود كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، وقادة "مجموعة دراسات العراق" في واشنطن حالياً، وانخراطهم معاً في مناقشة المعضلات المعقدة التي تواجههم في كل من العراق وإيران. وحتى هذه اللحظة، لم يتسرب سوى النزر اليسير جداً من المعلومات حول الأفكار والقضايا التي جرت مناقشتها مع "مجموعة دراسات العراق". ولذلك فإنه لمن الصعوبة بمكان، التكهن بالمدى الذي يمكن أن تؤثر به هذه المشاورات، على المعضلات السياسية الكبرى الداخلية في أميركا نفسها، ومدى تأثيرها على مسار الأوضاع في العراق، وما إذا كان سيتم سحب القوات من هناك ومتى وكيف؟.. إلى آخره. غير أن المؤكد أن خطوات حثيثة ما، قد اتخذت باتجاه تدويل المعضلة العراقية. والمؤشر القوي على هذا، بداية التفكير الجاد في التفاوض مع الدول المجاورة له، وإشراكها في إيجاد مخرج للأزمة المتفاقمة هناك. ومهما يكن من أمر هذه المساعي، فإنه يصعب جداً التكهن بما إذا كانت إيران ستنضم إلى هذه الجهود أم لا، لاسيما في ظل تشدد الموقف الأميركي منها من ناحية، ثم تشدد إسرائيل في رفضها لأي مشاركة إيرانية في أي محادثات إقليمية حول العراق وقضايا المنطقة بوجه عام، ربما توصي بإجرائها "مجموعة دراسات العراق". دانيل شور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كاتب ومحلل سياسي أميركي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"