كان افتتاح المؤتمر السنوي الثاني عشر للطاقة الذي ينظمه "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" تحت عنوان "الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية: التنافس على موارد الطاقة" فرصة مثالية للتعرّف إلى تفاصيل المشهد العالمي للطاقة بجميع أبعاده، سواء من حيث الموارد والأسعار، أو من حيث معادلة العرض والطلب والعوامل المؤثرة فيها، وأيضاً رسم صورة واضحة تتضمن ملامح السباق المحتدم بين القوى الاقتصادية الثلاث على موارد الطاقة، وتأمين مواردها في هذا المجال، خصوصاً فيما يتعلق بالنفط والغاز من أجل تلبية احتياجات النمو الاقتصادي المتواصل في هذه الدول. وكعادته دوماً، في تسليط الضوء على القضايا والموضوعات التي تشغل بال المتخصصين ودوائر صنع القرار، كان موضوع المؤتمر نقطة جذب رئيسية ليس فقط على صعيد الخبراء والمتخصصين والدول المنتجة، بل على مستوى ممثلي الدول المستهلكة أيضاً، حيث بات تأمين موارد الطاقة يحظى بأولوية استثنائية على أجندة الحوار والنقاش بين مختلف الدول والمجموعات الاقتصادية، ولعل المثال الأقرب إلى ذلك، أن مؤتمر وزراء مالية أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، قد خصص الجلسات التي عقدها الوزراء منذ يومين بأستراليا لمناقشة الأخطار التي تمثلها القفزة في استهلاك الطاقة على النمو الاقتصادي في هذه الدول، وبحث المجتمعون وسائل الحفاظ على الازدهار العالمي في ظل الاحتياجات المتزايدة في مجال الطاقة، وأكد المشاركون في مؤتمر ملبورن على أن زيادة عدد السكان، وتصاعد النفوذ الاقتصادي لدول كبرى مثل الصين والهند، كانا أبرز مظاهر النهم العالمي المتزايد على موارد الطاقة. مؤتمر" مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" جاء إذاً مواكباً في موضوعه ونقاشاته لما يجري على الصعيد العالمي في مجال الطاقة، ومن هنا تأتي أهميته النوعية، وفي هذا الإطار أيضاً تتجلّى مكانة المركز في انتقاء القضايا والموضوعات مثار الاهتمام، ليضمن إضافة قيمة علمية تتناسب مع المكانة التي تحتلها هذه المؤسسة البحثية الرائدة. ومنذ اللحظة الأولى لانطلاق جلسات المؤتمر، كانت الأرقام والإحصاءات تتدفق لتجيب عن تساؤلات مثارة، مؤكدة أن المؤتمر يضع لبِنَة مهمة في التأسيس لحوار مطلوب، ليس فقط بين منتجي النفط ومستهلكيه، ولكن أيضاً بين المستهلكين أنفسهم من أجل الوصول إلى نقاط تفاهم مشترك، تضمن تلبية احتياجات العالم من الطاقة والحفاظ على قوة الازدهار الاقتصادي، وتفادي أي آثار سلبية للتنافس على موارد الطاقة. ولعل أهمية هذا الحوار تكمن في كونه يوفر فرصاً لفهم كل طرف لإمكانات الآخر واحتياجاته وكذلك التعاون والتنسيق في مجال تحسين كفاءة استخدام الطاقة، ومواجهة أي أزمات طارئة، خصوصاً في مجال الإمدادات، حيث أثبتت التجارب أن التعاون بين مختلف أطراف المعادلة من منتجين ومستهلكين بات حتمياً، ولاسيما في ظل تقلّص الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى دول "أوبك". المؤتمر إذاً يوفر فرصة ثمينة للتعرّف إلى تفاصيل المشهد العالمي في مجال الطلب على الطاقة، وآفاق هذا الطلب بما يخدم سياسات الإنتاج، ليس في دولة الإمارات فقط، ولكن على مستوى بقية أعضاء منظمة "أوبك" أيضاً، وبما يفيد المنتجين في رسم سياساتهم وخططهم في مختلف الظروف والأوقات. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.