يمر العراق الآن بمرحلة معقدة، تشبه إلى حد كبير سفينة تعطلت بوصلتها، وفقدت مسارها وتقاذفتها الأمواج العاتية. جهات عديدة وطوائف مختلفة وجيش احتلال بقيادة كل من أميركا وبريطانيا ودول أخرى. الجميع يتصارعون، ولا أحد يعرف كيف تكون النهاية، والتي لا نعرف كيف ستهدئ هذه الرياح العاصفة. هناك شعب ذو تاريخ عريق وقد تعايش منذ أقدم الأزمان في وئام وسلام حتى عهد قريب، ولكن الفتنة استيقظت بسبب وجود الذين عكروا الأجواء في العراق، وبثوا الفتنة والخلافات ملوِّحين بنصرة فريق على حساب آخر، لاجئين إلى منطق قديم وسياسة قديمة: "فرِّق تسد"، ليظفروا بالغنيمة والجميع انطلت عليهم هذه اللعبة وعاشوا في أوهام. تشابك الأهداف وتعدد الخطط هو سبب الوضع العراقي الغريب الذي لا يعرف أحد أين يتجه. من الواضح أنه ما لم يتم إجراء مصالحة وطنية حقيقية في بلاد الرافدين، فإن العراق لن ينعم بالسلام. وفي الوضع العراقي لا يظنن أحد أنه سيأكل الكعكة لوحده دون تقاسمها مع أخيه وابن وطنه، فإذا ركب رأسه فلن ينال أحد منهم نصيبه الذي يستحقه بقناعة تامة ورضا نفس. نسمع ونقرأ بين آن وآخر، أن الجهة الفلانية ستكون لها اليد الطولى وسيُقدم إليها العراق على طبق من ذهب وما عليها إلا أن تتحرك وتحسم أمرها وتتقدم لتقع هي الأخرى في المستنقع. الحل في يد العراقيين فقط، إذا تجردوا من الأنانية والمصالح الشخصية والطائفية. منصف أبوبكر- أبوظبي