إلى: السيد وزير الدفاع الجديد الموضوع: من أجل إدارة فعالة لوزارة الدفاع دأبت وزارة الدفاع الأميركية طيلة السنوات السابقة على استقبال وزراء الدفاع من خارج الميدان ومن جميع المجالات تقريباً، فكان بينهم المحامون ورجال الصناعة وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ. لكنك تختلف عنهم نظراً لمنصبك السابق كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية، وهو ماض قد ينظر إليه البعض في وزارة الدفاع بنوع من الشك والريبة بسبب المنافسة بين الاثنتين حول السيطرة الميدانية والتحكم في صرف الموازنة. غير أنك من جهة أخرى تأتي إلى "البنتاجون" ووراءك سمعة تشير إلى حس واقعي يميز قراراتك، حيث من المتوقع أن يلقى ذلك صدى طيباً بين الضباط العسكريين والمسؤولين في "البنتاجون" الذين وإنْ كانوا لم ينضموا إلى جوقة المنتقدين لوزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد والمطالبين برحيله، إلا أنهم مع ذلك يتقاسمون العديد من آرائهم وتصوراتهم. ولأن الروح المعنوية بلغت الحضيض في وزارة الدفاع فإن مهمتك الأولى هي رفعها مجدداً وبث الحياة في أوصالها. وكما لا يخفى عليك، فنحن اليوم نخوض حربين في منتهى الصعوبة في العراق وأفغانستان إلى جانب أزمات في مناطق أخرى. لذا لا أعتقد أنها فكرة جيدة أن تسعى إلى صياغة سياسة منفردة بشأن العراق، وأن تستأثر بتلك المحاولة، فالأمة لا تستطيع السماح لوزارة الدفاع الدخول في مواجهة مع وزارة الخارجية، أو مع أي جهة حكومية أخرى. وربما لهذا الغرض عليك أن تعمل مع الجيش لبلورة استراتيجية تتكامل مع توصيات "مجموعة دراسة العراق" المعروفة أيضاً باسم لجنة بيكر وهاملتون، والتي لابد باعتبارك عضواً سابقاً فيها أنك مطلع على اقتراحاتها. وفي هذا الإطار عليك التركيز على كيفية ضمان استقرار المنطقة، بدلاً من تلك الأهداف بعيدة المنال، أو الوهمية التي أغرقتنا في المستنقع العراقي. ولا تتردد في الاعتراف بحقيقة الأمور في العراق وبأنه وسط حرب أهلية دموية لا تستطيع الولايات المتحدة إنهاءها. واقترح أنه بدلاً من مواصلة إهدار المزيد من الدماء والأموال لتأمين بغداد، أو محافظة الأنبار، فإنه علينا إعادة نشر قواتنا بحيث تتمركز في كردستان لمنع اندلاع المواجهات بين الأكراد وتركيا، وسحب قواتنا أيضاً إلى الجنوب الشيعي بمحاذاة الحدود الإيرانية للحد من التدخل الإيراني، فضلاً عن نشر القوات على الحدود السورية لمنع تدخلها ولحماية الحدود الأردنية. ولابد أيضاً من تخصيص موارد إضافية لتجهيز القوات العراقية وتدريبها لتحمل مسؤوليتاها الأمنية في بغداد والأنبار مهما طال بها الأمد. وستساهم هذه الاستراتيجية في تجنب امتداد الحرب الأهلية إلى عموم المنطقة، ومنع دول الجوار من إعادة صياغة البلد المنكوب. كما ستساعدنا الاستراتيجية في خفض قواتنا وتخفيف العبء على الجنود سواء من الاحتياط، أو المنخرطين في الخدمة العسكرية، فضلاً عن التقليل من الإصابات في صفوفهم. وفي الختام من المهم أن تستكمل التغييرات الجوهرية التي أدخلها سلفك على وزارة الدفاع. فغالباً ما يوجه النقد اللاذع لدونالد رامسفيلد من دون أن يشار إلى الخدمات التي قدمها، حيث ساهم في تحديث وزارة الدفاع وإخراجها إلى القرن الحادي والعشرين. كما أشرف على تحديث هياكلها واستحدث قيادات عسكرية جديدة مثل القيادة الشمالية، وقيادة القوات المشتركة المكلفة بالتنسيق بين جميع أفراد القوات الأميركية، فضلاً عن قيادة القوات الخاصة التي لعبت دوراً أساسياً في نجاح عملية التدخل في أفغانستان. والأكثر من ذلك أعاد رامسفيلد هيكلة عملية إقرار الموازنة ليتم التركيز على كيفية إنفاق الأموال بدل النظر في وجهتها الأخيرة، كما أولى عنايته ببعض الأسلحة الخاصة. ورغم أن مهمة إصلاح إدارة "البنتاجون" لم تنتهِ بعد، إلا أنك تملك في "جوردون إنجلند" نائباً من أكفأ المديرين الذين شهدتهم وزارة الدفاع منذ الستينيات، فحاول إقناعه بالاستمرار في عمله. وإذا كان من الصعب الانضمام إلى إدارة تعيش آخر سنتين من حياتها، فإنك ستعمل مع موظفين مدنيين وعسكريين يرغبون في مساعدتك، كما ستكون تحت أنظار بلد يتمنى لك النجاح في مهمتك. دوف زاكيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وكيل وزارة الدفاع ومديرها المالي في الفترة ما بين 2001 و2004 ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"