لم أفاجأ بردود الفعل المتقدة بالحماس من جانب أصدقائي من النخبة السياسية والثقافية المصرية، تجاه دعوتي لهم بضرورة تفعيل نشاط الدبلوماسية الشعبية لضمان أمن أشقائنا في مجتمعات ودول الخليج. فلقد نشرت في إطار مقالي الأسبوعي بصحيفة "المصري اليوم" بالقاهرة يوم الثلاثاء الماضي، نداءً إلى المثقفين المصريين تحت عنوان "ما هو دورنا لإزاحة مخاوف عرب الخليج من التهديد الإيراني"؟ في ذلك النداء أوضحت أننا كنا غافلين في مصر، بسبب البعد الجغرافي عن منطقة الخليج والجوار الإيراني، عن أبعاد المخاوف التي تراود إخواننا من الأكاديميين والمثقفين الخليجيين حيال التهديد الإيراني، وهو التهديد الذي يلمسونه بحكم القرب الجغرافي. أجملت في النداء أبعاد هذه المخاوف كما استمعت إليها من الزملاء الخليجيين في منتدى "الاتحاد"، وطالبت المثقفين المصريين بالالتفات إليها على النحو التالي: أولاً: إن هذا التهديد يأخذ بعداً توسعياً بالمعنى الجغرافي، كما يظهر في احتلال جزر دولة الإمارات العربية المتحدة طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. ثانياً: يأخذ بعداً مذهبياً ظهر جلياً في العراق من خلال تغذية النعرة الطائفية الشيعية، وهو ما يمكن أن ينعكس كما يرى بعض الأكاديميين الخليجيين، على السلامة الداخلية للمجتمعات العربية، التي تتنوع فيها المذاهب بين سُنة وشيعة. ثالثاً: يمكن لهذا التهديد أن يأخذ في حالة تحول إيران إلى قوة نووية تمتلك الأسلحة النووية، طابع الهيمنة السياسية ومحاولة بسط النفوذ السياسي، كترجمة طبيعية لفائض القوة الذي ينجم عادة لدى الدول عن امتلاك هذا النوع من الأسلحة. في هذا الإطار، طالبت أعضاء النخبة الثقافية والسياسية المصرية، بما يلي: أولاً: وضع مخاوف أشقائنا في الخليج موضع الاعتبار وإزالة الغشاوة الناتجة عن نظرتنا الكارهة للسياسات العدوانية الإسرائيلية، وما يرتبط بها من تعاطف مع فكرة امتلاك قوة إسلامية للسلاح النووي لردع إسرائيل. ثانياً: التأكيد على رفض قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية نووية لإيران، بحجة إجهاض البرنامج النووي الإيراني، وذلك حرصاً على سلامة منطقة الخليج وشعوبها من نتائج هذه الضربة الإسرائيلية المحتملة، وما يترتب عليها من تبعات عدم الاستقرار السياسي والأمني فضلاً عن السطوة العسكرية الإسرائيلية المقيتة على المنطقة. ثالثاً: دعوة المثقفين المصريين إلى دعم اقتراحي، بتفعيل الدبلوماسية الشعبية -ولنا فيها خبرة طويلة ومثمرة في مصر-وذلك بتنظيم منتدى للحوار المصري- الإيراني بمشاركة مثقفين وخبراء وسياسيين من إيران ومصر ودول الخليج وسائر الدول العربية، على أن يكون المنتدى في إطار غير رسمي ويعقد بالمبادرة الذاتية من جانبي ومن جانب المهتمين من المثقفين بالتعاون مع المراكز المدنية العاملة في مجال البحث العلمي والإعلام. رابعاً: أن يتم التنظيم الجيد للمنتدى وأن تعد أوراق النقاش والحوار بحيث تضع في صدر اهتمامها "الأمن المتبادل بين دول الخليج وإيران"، ولا تكتفي بهذا، بل تسعى إلى إقناع الإيرانيين بتقديم مقترحاتهم حول إزالة أسباب المخاوف الأمنية الخليجية. خامساً: أن يكون في بؤرة اهتمام المنتدى، السيناريوهات المحتملة للوضع مع التركيز على التفاهمات العربية الخليجية مع إيران في حالة قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عدوانية للجمهورية الإيرانية. إن إحساسي الشخصي والوطني بالمديونية لإخواننا في الخليج، لوقوفهم الدائم في خندق الدفاع عن أمن دول الطوق المحيط بإسرائيل والتزامهم بالقضية الفلسطينية ودعمهم لنا في معاركنا.. هو إحساس عام لدى المثقفين المصريين الذين تجاوبوا مع ندائي.