بعض الدول العربية والإسلامية تستنفر كل قواها القانونية والاجتماعية ضد أي كاتب أو مثقف يكتب كلمة ضد التأويلات الدينية السائدة, بل ولا تتردد في وضعه في السجن باسم القانون, حتى أصبحت هذه الدول مضرب الأمثال في السمعة السيئة في مجال الحريات الفكرية. إنها دول يهدر فيها المال العام بلا حسيب أو رقيب, دول ينتشر فيها الفساد السياسي والإداري وتنتشر الرشوة في أركانها, والإثراء غير المشروع دون أدنى محاسبة حكومية أو أهلية, ومع ذلك لا تتردد في انتهاك الحريات وحقوق الإنسان, باعتقال الكُتاب والمثقفين, كما لا تبذل أي جهد ضد الجماعات الدينية حين تحرض على المثقفين بالقتل من خلال الفتاوى الباطلة وخطب الجمعة التي يسيء التيار الديني استغلالها ضد خصومه. وبعض هذه الدول تمثل ممارساتها في هذا المجال عاراً على الإنسانية, بل إن وجودها مُضر بالإنسان, لكنها لا تحس بسلوكها الشائن وغير السوي في مجال انتهاك الحريات. إنها أوضاع مسعورة ضد الكلمة الحُرة وضد حرية التعبير. ولأنها ليست حريصة على حرية الكلمة وكرامة الإنسان فإنها لا تتردد أيضاً في معارضة الإصلاح السياسي, إن لم تحاربه بكل قواها مستعينة بالجماعات الدينية التي لا تتردد بدورها في نصرة الباطل ما دام محققاً لأهدافها ومصالحها الذاتية. فهذه الجماعات التي تتستر بالدين خير حليف للاستبداد السياسي والاجتماعي. ومن الواضح أن كل دعوات الإصلاح السياسي للمنطقة ستضيع هباء منثوراً تحت حجج باطلة مثل التدخل الخارجي ومحاربة الدين والهجمة الغربية, وغيرها من حجج تافهة بكل المقاييس. كما أنه من الواضح أن هذه الدول ليست حريصة على تحسين صورتها على المستوى الدولي. لذلك ليس هناك سوى حل واحد: تدخل دولي من خلال مجلس الأمن الدولي بمعاقبة الدول التي لا تعترف ولا تحترم حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة، ومن ضمنها حرية التعبير. نعم, لابد من قرار دولي يقضي بمعاقبة هذه الدول بالمقاطعة الاقتصادية أو بوضعها تحت الرقابة الدولية وإلزام المنظمات الدولية الغربية وحتى العربية, بتقييم انتهاكاتها لحقوق الإنسان في مجال حرية التعبير. ولابد من تجريم المسؤولين عن هذه الانتهاكات بوضعهم على قائمة دولية خاصة ليتم اعتقالهم في أي مكان في العالم. وليس المعني فقط المسؤولين الرسميين المنفذين لسياسة الدولة, بل وأيضاً زعماء الجماعات الدينية الذين يحرضون على القيام بهذه الانتهاكات. وبدون مثل هذا القرار ستظل هذه الدول والجماعات تتمادى في هذه الانتهاكات اللاإنسانية لحرية التعبير ولحقوق الإنسان عموماً. لكن أن تظل هذه الدول والجماعات بمنأى عن العقاب والتجريم الدوليين, لهو جريمة بحق الحريات الإنسانية.