يتداول الإعلام حاليّاً دراسة أجرتها جهة مستقلة، حول معدل إنفاق الإماراتيين المقبلين على الزواج، وتشير نتائج تلك الدراسة، إلى أن متوسط تكلفة حفل الزواج في الإمارات، تصل إلى 300 ألف درهم وأن الذين يخططون لإقامة حفلات زواجهم ينوون إنفاق ما بين 100 ألف إلى 500 ألف درهم نفقات يوم حفل الزفاف. ومن ضمن ما أشارت إليه تلك الدراسة أن سوق الإمارات في ما يخص تجهيزات الأعراس وحفلات الزفاف، هو من أكثر الأسواق إنفاقاً في منطقة الشرق الأوسط. ورغم أنّ نتائج هذه الدراسة تقترب من نتائج دراسة قامت بها مؤسسة صندوق الزواج عام 2003، حيث تبيّن آنذاك أنّ تكاليف الزواج تتراوح ما بين 200 إلى 250 ألف درهم، وهو ما يؤدي إلى إشكاليات في الحياة الزوجية، تتضح في مرحلة ما بعد الزواج، وتسهم في بروز الخلافات بين الزوجين، وبالتالي ارتفاع معدلات الطلاق، فإنّه لا يمكن الجزم بجدّية هذه الدراسة وعلميتها. الدراسة المذكورة أعلاه، جاءت بمناسبة تنظيم عدد من المعارض المتخصصة بتجهيزات حفلات الزفاف في الدولة، وتكاد تكون الدراسة، بحسب التغطيات الإعلامية التي قدمتها، في سياق الترويج للمعارض، وإثبات أهمية سوق "حفلات الزفاف" بالدولة أكثر منها في سياق معالجة مشكلة اجتماعية مهمة تهدد مؤسسة الأسرة في الدولة. فقد أوضحت التغطيات الإعلامية للدراسة، أن تنظيم معرضين حول تجهيزات الأعراس، خلال فترة لا تتعدى الشهر يرجع إلى أن العائلات الإماراتية تنفق بسخاء على الاستعدادات التي تسبق الزفاف. ومن خلال مؤشرات الدراسة، فقد انعكس هذا الإنفاق على حفلات الزواج قي اهتمام المؤسسة المنظمة للمعارض في الدولة حيث توسعت المشاركة بالمعارض المختصة بالأعراض، كما تزايد الإقبال على زيارة المعارض، والشراء منها. وتشير الدراسة، أن شركة تنظّم معرضاً للزفاف، باعت ما نسبته 70% من مساحة العارضين للمعرض القادم الذي سيعقد بدبي في أبريل المقبل، وأنها توسعت في عرض الأثاث المنزلي للعروسين، وروّجت خدماتها بالعديد من الجوائز تشجيعاً لزيادة عملية الشراء. بطبيعة الحال ترتبط بقضايا الارتفاع الكبير في تكاليف الزواج، قضايا اجتماعية أخرى، مثل العنوسة، والزواج من أجنبيات، والطلاق، وقضايا متشعبة ومتعددة، ذات أبعاد اجتماعية واضحة. ولكن مثل هذه الدراسات المشار إليها أعلاه من قبل شركات وجهات تجارية تحتاج للتوقف بشأنها لأكثر من سبب، أولها، أنّه لا يوجد ما يكفي من الدلائل على دقة مثل هذه الدراسات، وأنّه يمكن وصفها بالفعل بأنّها دراسات، فهناك حاجة لدراسات علميّة متأنية ومضبوطة علميّاً في مثل هذه الظواهر. ثانياً، أنّ الدراسة لمجرد الدراسة لا تقدّم الكثير من الفوائد، بل يبدو أنّ الوظيفة التي أصبحت تقدّمها مثل هذه الدراسات (إن جاز وصفها بهذا الوصف)، أصبحت الترويج لـ (صناعة الأعراس)، أكثر منها للتحذير من نتائج مثل هذه الظواهر. ثالثاً، أنّ الدراسة يجب أن تتبعها توصيات وإجراءات عمليّة لمعالجة الظواهر السلبية، وفي مقدمتها الخطط الإعلامية والتربوية في معالجة تلك الظواهر، وكذلك ربما بحث حلول مثل مواثيق الشرف الشعبية بعدم تجاوز نفقات الزواج حدّاً معيناً. بالنهاية قضية تكاليف الزواج قضية وطنية مهمة، ولكن تناولها يجب أن يكون بما تستحق من اهتمام وجديّة.