في الوقت الذي تكثف فيه دول العالم تعاونها الاقتصادي من أجل التصدي لتحديات العولمة الاقتصادية واحترام المنافسة في الأسواق العالمية نجد أنفسنا نحن المتخلفين عن الركب الاقتصادي العالمي بعد 25 عاماً من قيام المجلس، أن الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة لازالت لا تجد طريقها للتنفيذ الفعلي. في الأسبوع الماضي ألغى وزراء النفط الخليجيون المجتمعون في العاصمة الإماراتية أبوظبي أحد أهم المشاريع الاقتصادية النفطية التي يمكن أن تساهم في دعم التنمية الاقتصادية في كافة دول المجلس وهو المشروع الخاص بإنشاء أنبوب لنقل النفط الخليجي في حالة تعرض مضيق هرمز للإغلاق.. ويأتي إلغاء هذا المشروع بعد أن تعرقلت في السنوات الماضية مشاريع مهمة أخرى لمد خطوط أنابيب الغاز بين دول المجلس وذلك لأسباب سياسية بحتة وهي الخلافات بين بعض دول المجلس. التساؤل هنا: لماذا تقف أو تتعثر المشاريع الاقتصادية مع أنها مجدية ومُفيدة لكل شعوب المنطقة؟ ففي الدول المتقدمة يتم الفصل بين الخلافات السياسية وبين المصالح الاقتصادية المشتركة، ففي هذا يمكن التنويه إلى مشروع الغاز السوفييتي- الأوروبي الغربي والذي أقيم في ذروة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، ولم تدخل الخلافات العقائدية حاجزاً دون تنفيذ هذا المشروع الحيوي للطرفين. والخلافات بين دول المجلس ليست بمستوى الخلافات بين بلدان المعسكرين خلال الحرب الباردة. فالخلافات الخليجية معظمها نتيجة لعدم التفاهم والحساسيات في موضوع السيادة الوطنية. ونتساءل مرة أخرى: لماذا تتوقف المشاريع الاقتصادية الحيوية بسبب الخلافات السياسية؟ بينما في الدول الأخرى تستمر المشاريع الحيوية دون أي عرقلة حتى في وجود الخلافات، أو يطرح المشروع للاستفتاء العام لكسب الرأي العام مثلما حدث للخلاف حول العملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، وكذلك أثناء إقرار الدستور الأوروبي؟ نرى أن السبب الحقيقي لتوقف مشاريعنا رغم شعور الشعوب الخليجية بأهميتها هو ضعف دور المشاركة الشعبية والقطاع الخاص في بلورة هذه المشاريع، ولو كانت هناك مشاركة شعبية من قبل الرأي العام الخليجي لتم حل مشاكل الكثير من المشاريع المجمدة. والأهم من كل ذلك أن هيمنة دول المجلس على الاقتصاد جعلها تتصرف كما لو كانت في عزلة تامة عن مصالح شعوبها. متى نرى مشاريع مهمة تأخذ طريقها للتنفيذ مثل شبكة الغاز الخليجية وسكك الحديد، والعملة الموحدة والجواز الموحد وغيرها من المشاريع الحيوية؟ لقد أثبتت التجربة العملية أن مجلس التعاون الخليجي لم يرقَ في أي وقت من الأوقات إلى مستوى التحدي في المنطقة وبالأخص في الوقت الحاضر الذي تتغير فيه موازين القوى في المنطقة بشكل سريع وخطير جداً لغير صالح دول المنطقة. هل يعقل أن يتم إيقاف مشروع حيوي يوصل نفط الخليج إلى بحر عمان على المحيط الهندي دون المرور بمضيق هرمز الذي تهدد إيران دائماً بغلقه؟