قصة حقيقية وقعت أحداثها في دولة الإمارات، تم تغيير أسماء أصحابها من أجل حبكة القصة. في مجلس من مجالس الدولة العامرة، والذي يتميز بحضور لفيف من المثقفين فيه جرت هذه الواقعة، وتم نشرها، كي تعم الفائدة منها، وإلا فإن المجالس أمانات كما يُقال. دخل المرشح خالد ضاحكاً إلى المجلس، لأن اسمه ورد في قائمة الذين يحق لهم التصويت والترشيح في المجلس الوطني القادم. وسأل خالد صاحبه السؤال التالي: هل ورد اسمك في القائمة؟ رد علي بكل ثقة لا، لماذا؟ قال خالد لأنني سعيد أن اسمي في القائمة، فأنا من المرضي عنهم. هنا اعتدل علي في جلسته وقال: لو كنت مكانك لما قلت هذا الكلام، فأنت تصنف حسب نظام البرلمانات العالمي من المعارضة وأنا من الحكومة. هنا تغيرت سمات خالد وقال: كيف تصفني بأنني من المعارضة، وقد ورد اسمي في الهيئة الانتخابية؟ قال علي: لنفرض أنك رشحت نفسك وفزت في عضوية المجلس الوطني، ألن تناقش أحد الوزراء الذين قصروا في القيام بدورهم؟ الجواب بلى. أليس من مهام عملك مطالبة الحكومة بإدخال بعض التعديلات على بعض القوانين؟ ألن يأتي عليك يوم تقف فيه في صف الشعب وقد تعارض الحكومة في هذه الحالة، فأنت في المجلس تمثل الشعب لدى الحكومة ولا تمثل الحكومة عند الشعب؟ لذلك أقول لك لا تفرح فأنت معارض للحكومة بوجود اسمك في القائمة الانتخابية، أما أنا فلم يرد اسمي في هذه القائمة، لذلك فإنني محسوب على الحكومة وليس المعارضة. ضحك الجميع في هذا المجلس من التصور الذي ذكره علي للأحداث الجارية اليوم في دولة الإمارات، وهنا لزم التعليق على هذه الأحداث. تمثل دولة الإمارات تجربة وحدوية فريدة في العالم العربي، الذي باءت جل تجارب الوحدة فيه بالفشل، ومن أهم أسباب نجاح هذه التجربة العلاقة المتميزة التي تربط الحكام بالشعب، فمن نعمة الله على أهل الإمارات، أن هيأ لهم قيادة لم تنفصل عنهم لحظة من التاريخ، فهي معهم وهم منها، لذلك كانت ومازالت مجالس الحكام، يفد إليها أبناء الوطن من كل حدب، وكان الحكام في تشاور مع الناس عبر هذه المجالس المفتوحة. ومع تعقد الحياة وازدحام الأوقات أصبح لزاماً على المجتمع التفاكر في أسلوب رديف للمشاركة الوطنية في صنع القرار. وهنا سؤال يطرح نفسه: هل نحن بحاجة إلى الديمقراطية؟ تختلف الإجابة على السؤال حسب المنطلقات التي يتحدث منها الإنسان، فهناك من يرفض هذه الفكرة كون الديمقراطية قد فشلت في الدول العربية، وقد حققنا في الإمارات دون ديمقراطية ما عجزت الدول الأخرى عن تحقيقه، فلِمَ نقلد الفشل؟ ومنهم من يؤيدها، لأن العالم مطلوب منه الدمقرطة، فمن لم يتمقرط بالسيف تمقرط بغيره، تعددت الأسباب والديمقراطية ليست واحدة ، فلِمَ لا نساير متطلبات العصر؟ وحقيقة الأمر نحن بحاجة ماسة مع تعقد متطلبات التنمية إلى نوع منظم لتمثيل الشعب لدى الحكومة، ومن هنا جاء القرار التاريخي لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" بانتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني القادم، هذه العملية خطوة في تصوري إلى الأمام وأفضل ما كان بعدها هذا الجدل الواسع الذي رافق الإعلان عن أسماء الهيئة الانتخابية، كما ورد في مقدمة المقال. كما أن الدورات التي تعقدها وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني تضع النقاط على بعض الحروف، والرجاء كله أن من يصل إلى قبة المجلس، يتذكر الوعود التي نطق بها للناس، وإلا فإن للتاريخ كتاباً مفتوحاً يخط الإنسان فيه إنجازاته. والأمل الآخر أن تتطور هذه التجربة في القريب العاجل، بحيث تكون للمجلس الجديد أدوار لم تكن المجالس السابقة تلعبها، وهذا بحاجة إلى تعديل بعض مواد الدستور. لعلي أقترح فكرة بحاجة إلى بلورة، ملخصها أن ينقسم المجلس إلى فرعين أحدهما بالانتخاب الحر المباشر، والآخر عبر الهيئات الانتخابية.