في أكبر حزمة قرارات من نوعها لتنظيم شؤون العمالة الوافدة في الدولة، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية باتخاذ عدد من الإجراءات التنظيمية بشأن تنظيم شؤون العمالة الوافدة وتوفير مقوّمات وشروط معايير الصحة والسلامة كافة لهم والعيش الكريم، سواء في السكن أو موقع العمل. مع ازدياد أعداد العمال الوافدين في الدولة، وضخامة وتنوّع القضايا المرتبطة بوجودهم، وما تواجهه الدولة من تحدّيات في مسيرة تنمية الموارد البشرية المواطنة، فإن المرحلة المقبلة تتطلّب تعاوناً وثيقاً بين جميع الأطراف الاتحادية والمحلية ذات الصلة، لتنفيذ هذه القرارات وغيرها من القرارات والإجراءات بشأن تنظيم شؤون العمالة الوافدة. ولا يمكن بالطبع الارتكان إلى صياغة القرارات والقوانين، إن لم يتبع تنفيذها على أرض الواقع مراقبة دقيقة بما يضمن تحقيق الهدف النهائي لهذه القرارات أو القوانين. فالمراقب لكل الانتقادات التي تسوقها الجهات الأجنبية ضد دولة الإمارات في ملف العمالة تحديداً، يجدها تركّز حول نماذج فردية من الممارسات مستمدة من الواقع، حيث لا تلتفت هذه الجهات باهتمام إلى وجود أو عدم وجود قوانين أو تشريعات تحرم هذه الممارسات من عدمه. إن القرارات والقوانين لا تكتمل تأثيراتها إلا بالمتابعة، والتنسيق، والجدية في التطبيق على أرض الواقع، بما يحمل الجميع على التعامل مع قضايا الوطن بشكل جدّي لا يقبل المساومة. إن هذه القرارات المهمة، وما سبقها من خطوات مماثلة في هذا الاتجاه، وما يتوقع أن يتبعها من قرارات أخرى مرتقبة، في مقدمتها قانون جديد للعمل يسمح بتشكيل نقابات للعمال في البلاد، لا تكتسب أهميتها من ذاتها النظرية فقط، وإنما من تأثيرها المباشر في أرض الواقع من ناحية، وضمان تنفيذها وعدم الالتفاف حولها أو إفراغها من مضمونها من ناحية أخرى. فنظراً لتزايد عدد الشركات والعمال الوافدين، وتزايد التنوّع والتعقيدات في بيئة العمل، وفي مختلف قطاعات الاقتصاد والمجتمع في الدولة، فمن الطبيعي والمتوقع أن تنشأ مشكلات وقضايا بين هذا العدد الكبير من القادمين من جنسيات وثقافات شديدة الاختلاف، ما يتطلّب معه متابعة دقيقة وإدارة أكثر فاعلية، إلا أن المؤسسات ذات الاهتمام بالشأن العمالي عليها أن تطوّر نفسها بصورة تواكب النمو في أعداد العمال، وتواكب التغيّر في التوزيع الجغرافي للدول المصدّرة للقوى العاملة وتنوّع إثنيات العمال وجنسياتهم، حيث إن هذه العوامل بالإضافة إلى عوامل أخرى، تؤدي إلى حدوث إساءات وانتهاكات لحقوق العمال، تتولّد منها سلسلة من الاحتجاجات التي تشهدها الدولة من حين لآخر. كما أن أغلبية العمال الوافدين يأتون إلى الإمارات من خلال وكالات ووسطاء للتوظيف وتوفير الأيدي العاملة، إلا أن بعض هذه الجهات تسيء إلى الأعراف والحقوق الإنسانية، كما يستغل بعض الوسطاء بساطة أو جهل العمال لجني مكاسب، مع أن أغلبية ضحايا هذه الممارسات من أبناء الدول التي ينتمي إليها الوسطاء أنفسهم، وهو ما يتطلب تدخّل الجهات المختصة وإلزامهم بالمعايير الأخلاقية. ويأتي التوجيه بإعداد دراسة شاملة لتحديد دور وكفاءة الشركات والمكاتب الخاصة بجلب وإحضار العمالة من بلادها، وإحكام الرقابة على هذه الشركات والمكاتب لعدم تجاوز القوانين والأعراف الإنسانية، خطوة مهمّة لسدّ هذه الثغرة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية