كدت أترحَّم على "إيان برونك" المبعوث الأممي إلى السودان، وأنا أقرأ مقال محجوب عثمان "صديق افتقده السودان"، والمنشور هنا على هذه الصفحة السبت الماضي. معتقداً في البداية، وببراءة وسذاجة تامين، أن "برونك" أحد أصدقاء القادة الوطنيين والشخصيات العظيمة، في ذلك البلد الذي عانى من الافتقار إلى ساسة مخلصين، لكن "برونك" ليس سودانياً، ولا يحمل كثيراً من الصفات وفضائل الإخلاص والصدق والعظمة التي خلعها عليه الكاتب. صحيح أن الحكومة السودانية التي لا يشعر تجاهها عثمان بالود، انزعجت مراراً من بعض المواقف التي أظهرها المبعوث الأممي، لكن دعوني أقول إن "صبرها طويل"، بل "حديد"، لما أبدته من تحمل وهدوء إزاء التدخلات السافرة لبرونك في تفاصيل الشأن السوداني وقضايا السيادة الوطنية للسودان. جاء "برونك" إلى السودان، بناء على قرار من مجلس الأمن الدولي حدد صلاحياته ومهامه وحدد إشرافه على تطبيق اتفاق "نيفاشا"، لكنه لم يلبث أن شملت صلاحياته أيضاً ملف الوضع في دارفور، ومفاوضات السلام مع متمردي الشرق. ومنذ البداية، لم يخفِ "برونك" تعاطفه مع متمردي الجنوب، وظل يتدخل في قضايا تفصيلية وبأسلوب افتقر إلى التوازن والموضوعية في أغلب الأحيان، كما افتقر إلى حد كافٍ من احترام السيادة الوطنية لدولة السودان، مما أثار على المبعوث الدولي هناك قدراً غير قليل من الانتقاد في مختلف الأوساط، واضطر البعض لتلقيبه "المندوب السامي"! ولعله بسبب ذلك الانحياز ضد الحكومة السودانية، وضد الهوية الوطنية للسودان ومصالحه القومية... كان جديراً بمحجوب عثمان ألا يبالغ كثيراً في مديح رجل عليه من الملاحظات والمآخذ ما عليه! سعيد آدم – دبي