استضافت دولة قطر في الفترة من 30 أكتوبر حتى 1 نوفمبر "المؤتمر الدولي للديمقراطيات الجديدة والمستعادة" ويهدف المؤتمر إلى اتخاذ ما يمكن من خطوات لدعم مساعي الحكومات في سبيل تعزيز وتوطيد الديمقراطيات الجديدة، وتأكيد حقيقة أن الديمقراطية والتنمية المستدامة واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والحكم الرشيد كلها أمور مترابطة يعزز بعضها بعضاً، وأنها تعمل بدون شك على توطيد واحترام سيادة القانون على الصعيد الوطني والدولي وإرساء الأمن والسلام في جميع ربوع العالم. مؤتمر الدوحة حول الديمقراطية يثير عدة تساؤلات حول إمكانية نجاح أو فشل الديمقراطية في دول الخليج العربية. هنالك عدة تساؤلات علينا طرحها حول إمكانية نجاح الديمقراطية في بلداننا. هل يمكن قيام الديمقراطية في ظل وجود شعوب تقليدية محافظة لا يزال الولاء السياسي فيها للقبيلة والطائفة أو العائلة قبل الدولة؟ هل يمكن قيام دولة مؤسسات ديمقراطية في ظل غياب طبقة وسطى مستنيرة تدعمها وتحافظ عليها وتصونها؟ هل يمكن تحقيق الديمقراطية مع اعتماد معظم السكان على الدولة في توظيفهم أو تشغيل مؤسساتهم التجارية؟ هل يعقل أن تقوم ديمقراطية في دولة الرضا أو الرفاه الاقتصادي التي لا يدفع فيها المواطنون ضرائب؟ وهل يمكن قيام ديمقراطية بدون وجود مؤسسات مجتمع مدني مستقلة عن الدولة؟ ربما كانت هذه تساؤلات قاسية على دول الخليج العربية.. لكنْ لابد منها لتحسين وتطوير ما حققناه إلى الآن من إنجازات في المسار الديمقراطي. ففي السنوات الأخيرة جرت انتخابات حرة ونزيهة في كل من البحرين وقطر وعُمان شاركت فيها المرأة لأول مرة للوصول إلى مقاعد المجالس البلدية أو البرلمان. كما جرت انتخابات في السعودية لاختيار نصف أعضاء المجالس البلدية.. وستجري قريباً جداً انتخابات برلمانية في دولة الإمارات العربية المتحدة.. ما حصل في الكويت في الأسبوع الماضي يثير عدة تساؤلات حول العمل السياسي الديمقراطي في الخليج.. فبعد افتتاح أمير الكويت لدور الانعقاد الثاني لمجلس الأمة يوم الاثنين الماضي جرت انتخابات اللجان الدائمة والمؤقتة ومنصبي أمين السر والمراقب، وجاءت النتيجة مفاجئة للجميع بما فيهم أقطاب المعارضة التي تتكون من نواب الحركة الدستورية الإسلامية "الإخوان المسلمون" والتكتل الشعبي والتحالف الوطني.. الذين شكلوا تكتلاً جديداً داخل المجلس سمي بتكتل الكتل يضم 35 نائباً.. فقد حقق التيار المستقل الذي يتكون من نواب القبائل وأهل المدينة من المستقلين الذين لا ينتمون للتيارات المؤدلجة وهي التيار الإسلامي والقومي الليبرالي، إنجازاً واضحاً. فقد فاز النائب مبارك الخرينج مراقباً للمجلس وحسين الحريتي أميناً للسر والاثنان ينتميان إلى قبيلتي الرشايدة والعوازم ولا ينتميان لأي تكتل سياسي.. التساؤل هنا لماذا فشلت التكتلات السياسية التي تقوم على برامج مُؤدجلة في حين نجح النواب غير المنتمين لأي تيار سياسي؟ واضح جداً أن الانتماء القبلي والطائفي في الكويت قد تعزز بوجود الديمقراطية التي مضى عليها أكثر من 46 عاماً. فالقبيلة لا تزال تلعب الدور الجوهري في تحديد وتسمية المرشحين في انتخابات المجلس البلدي أو مجلس الأمة، فقد حافظت نتائج الانتخابات التي جرت في الصيف الماضي على التركيبة القبلية في الكويت إلى حد كبير حيث احتفظت قبيلة العوازم بسبعة مقاعد، وقبيلة مطير بأربعة مقاعد، والرشايدة بثلاثة، وانخفض عدد نواب قبيلة العجمان من 4 إلى 3 مقاعد. وارتفعت مقاعد قبيلة عتبة وعنزة من 2 إلى 3 مقاعد بينما احتفظت قبيلتا الهواجر وشمَّر بنائب واحد لكل منهما.. حتى الأحزاب السياسية بما فيها الأحزاب الإسلامية حققت فوزاً لنوابها من خلال القبيلة. ما نريد قوله ببساطة هو أن طريق الديمقراطية في الخليج طويل وشاق، ويحتاج صبر أيوب.