تراجعت مؤشرات سوق الأسهم المحلية بنسب ملحوظة مؤخراً، في ظل الأداء المتواضع لأغلبية الشركات المساهمة، خلال الربع الثالث من هذا العام، بفعل خسائر الأسهم نفسها التي أفلتت منها بعض الشركات ونجحت في تحقيق أداء جيد نسبياً. ورغم أن معظم الشركات المدرجة جاءت نتائجها موافقة لتوقعات المحللين، باستثناء حالات قليلة، بدأت قاعدة عريضة من المستثمرين، خاصة الصغار منهم، الخروج من السوق حالياً خوفاً من تكبد مزيد من الخسائر، ما أدى إلى زيادة المعروض من الأسهم وأثّر سلباً في الأسعار. وهكذا عاد الحديث عن توقعات أداء السوق خلال الفترة حتى نهاية العام يلقى رواجاً كبيراً بين المستثمرين والمحللين على حد سواء، في إشارات متقاطعة تماماً تفقد الجميع القدرة على تحديد اتجاه للسوق. وهكذا تفشل توقعات المحللين الذين كانوا يروّجون، طيلة الفترة الماضية، لبداية انتعاش السوق مع بداية الربع الأخير لهذا العام، بينما يفقد المستثمرون باستمرار ثقتهم في التحليلات والدراسات حول اتجاهات الأسهم المحلية، خاصة أن الجهات المصدرة لهذه الدراسات ليست مستقلة، بل هي في الغالب شركات استثمار لديها محافظ وصناديق للأسهم المحلية، ويصعب بالتالي أن يقتنع جمهور المستثمرين بأنها تجري تحليلاتها بعيداً عن مصالحها للتأثير في الأسعار. كل ذلك دفع ما يزيد على 75% من المستثمرين والمتعاملين في الأسهم إلى الاعتماد على وسائل الإعلام والمنتديات الإلكترونية واعتبارها مصدراً رئيسياً لمعلوماتهم حول حركة الأسواق وتحليلها، إلا أن المنتديات، والإعلام بمختلف مشاربه، تقدم صوراً أكثر تناقضاً وتضليلاً، إذ إن هناك من يعتبرها منابر للمضاربين تهدف إلى خلق طلب مصطنع والترويج لأسهم محددة. إن الغموض بشأن اتجاهات سوق الأسهم المحلية لا يتوقف عند القراءات المستقبلية فحسب، إذ إن ذلك يبدو مقبولاً لحدّ ما، مقابل تناقضات أكثر حدّة مرت بها هذه السوق خلال الفترة منذ بداية العام الماضي، عندما شهدت تحولات قياسية، ارتفعت خلالها أسعار الأسهم بنسبة ثلاثة أضعاف، وهو أكبر معدل للنمو في العالم العربي خلال العام الماضي، ما جعلها ثاني أكبر سوق عربية من حيث الحجم، ولكنها سرعان ما أخذت في الانحدار صوب القاع ولكن بصورة أكثر حدّة، حيث كانت سوق الأسهم المحلية الأسوأ أداءً من بين جميع أسواق الأسهم في العالم، خلال النصف الأول من هذا العام. وهكذا بدأت سوق الأسهم المحلية بالمبالغات وانتهت بغياب الثقة، بينما لا يوجد حتى الآن من المؤشرات ما يمكن توظيفه في قراءة مستقبلية دقيقة لاتجاهات السوق خلال المرحلة المقبلة، باستثناء بعض متغيرات الاقتصاد الكلي، والتي لم تسهم طيلة الشهور المنصرمة في وقف تدهور أحوال سوق أسهم، يعتمد المتعاملون فيه على قوة دفع العوامل النفسية أكثر من اعتمادهم على البحث والتحليل والتقييم الموضوعي. إلا أن ذلك لا يمنع من القول، إن تعافي السوق وعودته للانتعاش مرتبط بسلوكيات المضاربين الذين يسيطرون على أكثر من 90% من التداولات، ويركزون تعاملاتهم على أسهم عدد محدود جداً من الشركات، كما أن نتائج العام الحالي للشركات، التي ينتظر الإفصاح عنها مطلع العام المقبل، يتوقع أن تعطي مؤشراً مهماً يساعد في تقديم قراءة صحيحة لمستقبل السوق. إلا أن الحالة النفسية للمستثمرين هي التي ستتحكم في الجانب الأهم من أي عملية صعود للأسهم خلال الفترة المقبلة، بصرف النظر عن المعطيات الفنية. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.