وضع الدكتور محمد السيد سعيد إصبعه على نقطة في غاية الأهمية، وذلك في مقاله على هذه الصفحات ليوم أمس الأربعاء، "رؤية أميركية للمنطقة... حافلة بالأخطاء". حدد الكاتب ما يريد بقوله إن المحافظين الأميركيين "يخطئون في أمرين جوهريين، أولهما الافتراض بأن المنطقة لا تستطيع انتشال نفسها بنفسها من الفوضى والعنف والفساد... وثانيهما أنها استثناء مطلق بين مناطق العالم الأخرى". والنتيجة النهائية لهذا الخلط تهرُّب الإرادة الأميركية من مسؤوليتها عما آلت إليه الأوضاع في العراق، قائلة إن اللوم يقع في المقام الأول على الشعب العراقي وتنوعه الإثني والطائفي، ولكونه لا يحقق معايير الدولة الوطنية المندمجة! وإذ قيل قديماً "رب عذر أقبح من ذنب"، فإن المرء يتساءل: أي مجتمع على ظهر الأرض يخلو من تعدد ديني ومذهبي وعرقي؟ وهل التعدد الطائفي طرأ الآن فقط على العراق، والذي عرف نظام الدولة منذ خمسة آلاف سنة، وتعايشت فئاته ومكوناته، في سلام ووئام، على مر التاريخ؟ ولماذا احتاج الأميركيون إلى كل هذا الوقت كي يتحدثوا هكذا أخيراً عن بلد قاموا بغزوه واحتلاله، ومن ثم تلزمهم القوانين الدولية بمسؤوليات تجاهه؟ سمير توفيق - القاهرة