في الوقت الذي تتطلع فيه الأوساط الصناعية والاقتصادية في مصر إلى الثمار التي سيحققها الرئيس مبارك خلال رحلته الحالية إلى الصين.. أرى أنه يتعين علينا أن نحاول تنشيط الدور الصيني في عملية التسوية السياسية المنشودة للقضية الفلسطينية. إن الفوائد الصناعية والعلمية الضخمة المتوقعة لمصر وللعرب عامة من التعاون مع الصين، لا يجب أن تصرف أنظارنا عن الرؤية الصينية لأركان ولمسار التسوية، فهي رؤية قريبة للغاية من التطلعات العربية. لقد لاحظنا في الفترة الأخيرة، تركيز وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، على جوانب القصور في خطة "خريطة الطريق" التي تقودها الرباعية الدولية، وضرورة تلافيها. لقد أوضح الوزير في حوار مع صحيفة "الأهرام" أن وزراء خارجية دول الخليج ومصر والأردن، قد أوضحوا لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في اجتماعهم الأخير معها بالقاهرة أنه لابد من وضع "نهاية للطريق" تكون معلومة للأطراف، وتمثل الصورة النهائية للتسوية، وأن هذه النهاية يجب أن يتم تصميمها وإعلانها واعتمادها في أقرب وقت، بحيث يجري التفاوض من أجل الوصول إلى هذه التسوية النهائية المعروفة والمحددة مقدماً. إن هذا المطلب العربي الذي أفصح عنه الوزير المصري، يعني إدراك الدبلوماسية العربية للعراقيل الكامنة في خطة "خريطة الطريق" بوضعها الحالي، والتي تفيض في تصميم ووصف المراحل الأولى التحضيرية من التسوية، تاركة "نهاية الطريق" في حالة غموض خاضع لآليات ونيات وقدرات التفاوض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وهو غموض تكتفي "خريطة الطريق" في إطاره بالنص على أن هدف عملية التسوية هو إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية دون أي ملامح محددة للحدود أو للقضايا المتصلة بالوضع النهائي. إن معنى هذا المطلب العربي الذي تعبر عنه الدبلوماسية المصرية، يمكن أن يكتسب قوة فعلية في الساحة الدولية إذا أجمع وزراء الخارجية الذين اجتمعوا مع رايس، على مطلب آخر، وهو تحويل اللجنة الرباعية الدولية المشرفة على رعاية "خريطة الطريق" إلى لجنة خماسية، بحيث تضم الصين بالإضافة إلى أعضائها الحاليين الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. في تقديري، أن الدفع العربي خاصة من المجموعة المكونة من دول الخليج ومصر والأردن، في اتجاه الربط بين المطلبين، مطلب "نهاية الطريق" ومطلب "الخماسية الدولية"، أمر ممكن وشديد الأهمية. ذلك أننا إذا نجحنا في تمرير المطلبين فإننا سنكون قد فتحنا نهاية النفق المسدود وأدخلنا إليه نوراً يكفي للسير الآمن في عملية التسوية تجاه النهاية المرئية، وفي ذات الوقت نكون قد أكسبنا اللجنة الرباعية الدولية قوة دولية قادرة على الدفع في اتجاه متوازن يحيِّد التحيزات الأميركية للمواقف الإسرائيلية. أما إذا قوبل مطلب ضم الصين إلى اللجنة الدولية بمقاومة من الطرف الأميركي، فإنه يصبح في مقدور الدبلوماسية العربية أن تعتبر المطلب ورقة ضغط تساوم بها على ضرورة تعديل التحيزات الأميركية لإسرائيل بالموافقة على المطلب العربي الخاص بوضع "نهاية للطريق" واضحة المعالم، تجسد حلم الدولة الفلسطينية وتضع الحلول الواضحة لقضايا التسوية النهائية للخروج من الجمود الحالي في جزء كبير منه، عن التعقيدات الكامنة في مراحل خطة "خريطة الطريق". إذا نظرنا إلى الرؤية الصينية لتسوية الصراع في الشرق الأوسط (مع علمنا بأن الصين تقيم علاقات متوازنة مع العرب ومع إسرائيل على حد سواء)، فإننا سنكتشف أن هذه الرؤية التي عبر عنها وزير الخارجية الصيني "لي تشاو شينج"، في اجتماع مجلس الأمن بتاريخ 21/9/2006 يمكن بجهد عربي يسير، دفعها إلى التطابق مع مطلب "نهاية الطريق" العربي. لقد أكد الوزير الصيني ضرورة احترام إسرائيل لخيار الشعب الفلسطيني والموافقة على إقامة دولة فلسطين المستقلة. إن هذا المطلب الصيني يبدو بطبيعته قريباً من مطلب "نهاية الطريق" العربي، ذلك أن إعلان الموافقة الإسرائيلية مُقدماً على إقامة الدولة الفلسطينية، لن يكون مجرد إعلان من حيث المبدأ، بل يمكن أن يصبح إعلاناً مندمجاً في ملامح "نهاية الطريق" أو محطة الوصول الأخيرة لقطار "التسوية".