لم يتمكن الجيش الأميركي من متابعة تسليم آلاف القطع من الأسلحة المخصصة لقوات الأمن العراقية، إلى جانب عجزه عن توفير قطع الغيار اللازمة لوحدة الصيانة، بل وحتى كُتيِّبات الصيانة الخاصة بمعظم الأسلحة التي تم تسليمها للعراقيين. تلك هي الاستنتاجات التي توصل إليها تقرير فيدرالي صدر يوم الأحد الماضي. وكان قد أعد التقرير المذكور بطلب من السيناتور "جون دبليو. وارنر"، وهو "جمهوري" من ولاية فرجينيا، ورئيس لجنة الخدمات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ. ويُنسب إلى هذا السيناتور تقييمه الخاص للأوضاع في العراق مؤخراً، الذي رسم فيه صورة أكثر قتامة مما تراه إدارة بوش هناك. وكان السيناور "وارنر" قد تقدم بطلبه هذا في شهر مايو الماضي إلى مكتب المفتش العام المختص بإعادة إعمار العراق، وهو جهة إشرافية فيدرالية. كما طلب السيناتور من مكتب المفتش العام، مراجعة ما إذا كانت القوات الأمنية العراقية، تعكف على تنفيذ عمليات لوجستية، من شأنها دعم مئات الآلاف من الجنود وضباط الشرطة، الذين يزعم الجيش الأميركي تدريبهم هناك. وها هي الاستجابة لهذه الاستفسارات وقد صدرت فجأة من مكتب المفتش العام يوم الأحد الماضي. وقد توصلت النتائج التي خلص إليها التقرير، إلى وجود فوارق وتباينات كبيرة في سجلات الجيش الأميركي الخاصة بمعلوماته عن مصير آلاف القطع من المسدسات عيار 9 مليمتر، وكذلك مئات القطع من البنادق الهجومية المخصصة للعراقيين. الجيش الأميركي لم يخطُ ولو مجرد خطوة أولية باتجاه الأرقام المتسلسلة لما يصل إلى 500 ألف قطعة من قطع الأسلحة التي جرى تسليمها للعراقيين. ذلك هو ما أعلنه المفتش العام بقوله مستطرداً: إن ذلك سيجعل من الاستحالة بمكان، تقفي أثر أي سلاح أو التعرف عليه، فيما لو أخطأ هذا السلاح طريقه للعدو. غير أن التقرير لم يشر إلى المصير الذي انتهت إليه الأسلحة التي لم تتم متابعتها، وما إذا كان قد جرى استخدامها ضد الجنود الأميركيين أم لا، على رغم انتعاش سوق الأسلحة السوداء، المنتشرة في شوارع العاصمة بغداد. وما أسهل شراء الزي الرسمي الخاص بالجيش والشرطة العراقية أيضاً، إما بسبب الاختراق الذي حدث لشحنات الجيش، أو نتيجة لتعرضها لممارسات الفساد. وفي استجابة خطية للنتائج التي توصل إليها تقرير المفتش العام المشار إليه آنفاً، اعترف الجيش الأميركي بالكثير من النقائص وأوجه الضعف الواردة فيه. ومن ناحيته قال الجيش إنه سيساعد العراقيين في تحديد قطع الغيار، ومتطلبات الصيانة الخاصة بالأسلحة التي سلمهم إياها. كما أعلن الجيش الأميركي عن بدئه "عملية ترمي لإصدار الأسلحة، على أن تكون محددة بكميتها وأرقامها المتسلسلة". وبما أن مسؤولية المفتش العام تقتصر على تفتيش الأسلحة المنفق عليها من جيوب دافعي الضرائب الأميركيين مباشرة، فإن ذلك يعني أن إجمالي الأسلحة المفقودة، ربما بلغ رقماً أكبر من المعلن بكثير. ولذلك فإن من المتوقع أن ينظر مكتب المحاسبة الحكومي، وكذلك "البنتاجون"، والمفتش العام، في مصير كافة الأسلحة التي جرى تمويلها بكافة الموارد، بما فيها موارد الحكومة العراقية نفسها. إلى ذلك رد مكتب المفتش العام، الذي يترأسه "الجمهوري" ستيوارت دبليو. باوين، على استفسارات السيناتور "وارنر" حول القدرات اللوجستية للجيش العراقي، بتقرير آخر منفصل، صدر متزامناً مع التقرير الأول المشار إليه آنفاً، استنتج فيه استمرار اعتماد قوات الأمن العراقية بدرجة كبيرة على الجيش الأميركي، في كل ما يتصل بالعمليات الداعمة للجيوش الحديثة: توصيل الذخائر والوقود، نقل الجنود، والرعاية الصحية، ثم الصيانة. وتوصل السيد "باوين" إلى أنه ليس في مقدور الجيش الأميركي الإدلاء بعدد الجنود اللوجستيين العراقيين الذين قام بتدريبهم. ذلك أنه أبلغ مكتب المفتش العام في هذا الشأن، بأن تلفاً في شبكة الحاسوب الخاصة به، قد أدى لمحو كافة السجلات الخاصة بهذا الأمر. هذا وتحدث هذه المشكلات، على رغم إنفاق الولايات المتحدة الأميركية لمبلغ 133 مليون دولار على برنامج الأسلحة العراقية، وكذلك إنفاقها مبلغ 666 مليون دولار أخرى لتمويل القدرات اللوجستية العراقية. وجاء في التقرير أيضاً أنه وعلى الرغم من الخطط الولايات المتحدة الأميركية الرامية إلى خفض دعمها للقدرات اللوجستية وأعمال الصيانة الخاصة بقوات الأمن العراقية بحلول العام المقبل 2007، إلا أنه لم يتضح بعد، ما إذا كان في نية الحكومة العراقية التعويض عن هذا الخفض، بتوفيرها ما يكفي من التمويل لكل من وزارتي دفاعها وداخليتها. وقد أكد "وارنر" عبر ناطقه الرسمي أنه قد عكف على مراجعة التقارير إياها خلال عطلة نهاية الأسبوع، قبيل اجتماع مرتب له مع "باوين" اليوم الثلاثاء 31 أكتوبر. وفي اعتقاد "وارنر" أنه من الأهمية بمكان، الاستمرار في إعلام الكونجرس والشعب الأميركي، من قبل المفتش العام، بكل ما يتصل بالعتاد والقدرات اللوجستية الممنوحة للجيش وقوات الأمن العراقيين، باعتبار أن ذلك يعد عنصراً مهماً من جاهزية تلك القوات، على حد قول "أليوت"، الناطق الرسمي باسم "وارنر". وأعرب "باوين" عن قلقه الشخصي –من خلال مؤتمر صحفي عقده مؤخراً- حيال مدى اعتزام الحكومة العراقية، توفير ما يكفي من المال لدعم القدرات اللوجستية وحاجات قواتها للصيانة، حتى تتمكن من أداء مهامها على نحو فاعل يعول عليه. وعلى حد قول "باوين"، فإن هناك علمين أحمرين يرفرفان فوق اثنتين من البنايات الحكومية العراقية، أهمهما ذلك الذي يرفرف فوق وزارة الداخلية، التي تتأهب وتعد العدة حالياً، لتسلم مهامها الأمنية، والاستمرار في أدائها على النحو المطلوب. جيمس جلانز ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محرر الشؤون الخارجية في "نيويورك تايمز" ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"