The Washington Quarterly إيران واستراتيجيه الاتجاه شرقاً قضايا دولية عدة شملها العدد الأخير من دورية The Washington Quarterly التي تصدر كل شهرين عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في العاصمة الأميركية واشنطن. أبرز موضوعات العدد جاء تحت عنوان "إيران والتوازن مع الشرق ضد الغرب"، وفيه توصل "سنام فاكيل" إلى استنتاج مفاده أن طهران ولت وجهها نحو الشرق لتقيم معه علاقات سياسية واقتصادية، عوضاً عن علاقاتها المتوترة بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. "فاكيل"، وهو أستاذ مساعد في قسم دراسات الشرق الأوسط بكلية الدراسات الدولية العليا بجامعة "جون هوبكنز"، يرى أنه بعد 25 عاماً من العزلة والحروب والعقوبات، ليست لدى القيادة الإيرانية نية في المساومة على مخاوفها الأمنية وطموحاتها النووية مقابل مبادرات تجارية غربية لا ترغب هذه القيادة في تطبيقها. لكن طهران تنظر إلى الشرق حيث انتهاكات حقوق الإنسان وسياسة حظر الانتشار مسألة عادية للحفاظ على بقاء النظام، بمعنى أن إيران بحثت ووجدت بالفعل شركاء استراتيجيين يقبلون التعامل معها كما هي. وضمن هذا الإطار، دشنت طهران علاقات مع روسيا والصين والهند، كي تضمن الحصول على دعم سياسي واقتصادي لن تحصل عليه من الغرب. الكاتب أشار إلى أن لدى روسيا والصين والهند علاقات، لها أبعاد اقتصادية وإقليمية مهمة. وهذه الدول الثلاث أثبتت أنها تدافع عن إيران سواء داخل وكالة الطاقة الذرية أو في مجلس الأمن الدولي، فهذه الدول تعارض فرض عقوبات أممية على طهران، وتعارض أيضاً أي عمل عسكري ضد إيران، ومن ثم وضعت الدول الثلاث علاقاتها مع إيران في إطار يجعلها تنتقل من مجرد علاقات تجارية واقتصادية إلى تحالف استراتيجي. الكاتب يرى أن وصول أحمدي نجاد إلى سدة الحكم في إيران عزز تحول طهران في اتجاه الشرق، وذلك بسبب أرائه وأفكاره الثورية. لكن في ظل التوتر الراهن بين إيران والغرب بسبب برنامج طهران النووي، يتعرض نظام الملالي وحلفاؤه الجدد إلى ضغوط من الولايات المتحدة والغرب عموماً، لاسيما وأن واشنطن ترغب في تشكيل جبهة موحدة ضد البرنامج النووي الإيراني. وتحاول الولايات المتحدة استخدام سياسة العصا والجزرة لإقناع روسيا والهند والصين بالانضواء في هذه الجبهة. لكن إذا نجحت مساعي طهران -من خلال علاقاتها بموسكو وبكين ونيودلهي- في إحداث توازن في وجه الضغوط الغربية، فإنها ستدشن نموذجاً يمكن لدول أخرى تطبيقه، وهو نموذج يكمن في أنه في عالم تسوده العولمة ثمة بدائل عن الولايات المتحدة وأوروبا تتمثل في القوى الآسيوية الصاعدة. وعن العلاقات الأميركية- اليابانية بعد نهاية فترة كويزومي، كتب "مايكل جرين" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "جورج تاون" مقالاً استنتج خلاله أن العلاقات القوية بين واشنطن وطوكيو تؤكد أن تطوير هذه العلاقات لن يتم من تلقاء نفسه، بل إن هذه العلاقات المتينة المرشحة للاستمرار تتطلب حواراً وتنسيقاً استراتيجياً قوياً. "وجهات نظر": نجيب محفوظ في العدد الأخير من مجلة "وجهات نظر"، نطالع ملفاً خاصاً عن الأديب الراحل نجيب محفوظ، فتحت عنوان "الباناروما المحفوظية"، يقول خيري منصور إن الكتابة عن نجيب محفوظ بعد رحيله هي أعسر من الكتابة عنه حياً، فمحفوظ الذي عاش قرابة قرن، هو أطول القرون وأقصرها معاً، "مفطور بطبيعته على المقاربات السجالية للظواهر، سواء تعلقت بالنسيج الاجتماعي أو بميتافيزيقا الكون"، ومن ثم فالكتابة عن أمثاله خصوصاً، قد تكون "أشبه بالبحث عن قدم مربع من اليابسة في محيط يخلو من الجزر"! وتحت عنوان "جورديمر ومحفوظ"، تتطرق عفاف عبدالمعطي إلى العلاقة التي ربطت هذين الأديبين الكبيرين، وتغتنم الفرصة لتقديم ملخص وافٍ عن الحياة الأدبية للكاتبة الجنوب أفريقية نادين جورديمر التي زارت القاهرة ثلاث مرات منذ عام 1954، وكان لقاؤها الأول مع نجيب محفوظ على الورق عام 1997 حين كتبت مقدمة الترجمة الإنجليزية لكتاب "أصداء السيرة الذاتية" لنجيب محفوظ، والصادر عن الجامعة الأميركية بالقاهرة، ثم تحقق لها أخيراً لقاؤه وجهاً لوجه خلال زيارتها لمصر كضيفة على معرض الكتاب الدولي بالقاهرة عام 2005. وفيما لا يحتاج نجيب محفوظ إلى تعريف، فإن جورديمر لازالت تحتاج إلى تقديم في العالم العربي؛ فهي روائية جنوب أفريقية حصلت على جائزة نوبل للآداب عام 1991، وقد كتبت دراسة عن أقصوصة نجيب محفوظ "زعبلاوي" نشرت تحت عنوان "زعبلاوي... الجانب الخفي"، وذلك في كتابها المسمى "الكتابة والكينونة". ومما ذكرته عفاف عبدالمعطي عن جورديمر أنها كاتبة عصامية تنشر على نطاق واسع في المجلات والدوريات، وقد بدأت تكتب بانتظام في سن التاسعة، ونشرت لها قصص قصيرة وهي في الخامسة عشرة. وأخيراً يتضمن الملف مقالاً مطولاً لنجيب محفوظ نفسه، ربما كان آخر مقال كتبه، وعنوانه "رحابة حلم"، وفيه ينفي صفة البراءة عن عملية الكتابة، مشيراً إلى أن قراءة كتاباته هي ما يسمح لبعض الأفراد الذين يأتون لمقابلته أن يتطرقوا للحديث في أمور شخصية، بدلاً من أن ينصب النقاش حول الأحداث الجارية. ويستشهد محفوظ بالاهتمام الذي أثارته إحدى قصصه لدى صحفي فرنسي قابله ذات مرة، وهي قصة "الرجل" التي يصور فيها صحفياً يكتب مقالاً حول رجل من الجيل القديم. الصحفي في هذه القصة يقوم بوصف أحد جيرانه حيث كان يراقبه عن بعد وهو يتنزه على الطريق، وكان هذا الشخص الذي تقلد مناصب مهمة خلال مشوار حياته، يعيش حالة وحدة مميتة بعد أن فقد زوجته وهاجر أولاده إلى الولايات المتحدة... وبذلك يشير محفوظ إلى "مكر الكتابة" على رحابتها كحلم بلا حدود!