المراقب للحالة الدينية في أغلب أنحاء العالم، وخاصة في الغرب خلال السنوات الأخيرة بعد فشل الأيديولوجيات الوضعية والفلسفات المادية، يلاحظ أن هناك عودة في كثير من الشعوب للبحث عن الدين والاتجاه إليه بشدة، إلى درجة أن غالبية الدراسات والأبحاث والصحف في الغرب، تتحدث عن هذا الظاهرة بشكل لافت. ونكتفي هنا بمثالين: ما قاله المفكر الاستراتيجي أوندي مالرو عام 1956 من "أن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن الدين"، وما أوردته مجلة (F.P) الأميركية في عددها لشهر يوليو/أغسطس 2006 تحت عنوان "لماذا يفوز الدين؟". والأمر الأهم في هذا الموضوع هو أن غالبية الباحثين عن الدين، وبخاصة في الغرب، أصبحوا يتجهون نحو الإسلام، حتى أن بعض الخبراء الأميركيين وصفوا هذا التوجه كحالة "أسطورية" لم يشهدها الغرب، بل أجمعوا على قرب "نهاية الحضارة الغربية وصعود الإسلام"! وحسب إحصائية أعدتها المخابرات المركزية الأميركية عن الإسلام، فقد تبين أنه أسرع الأديان نمواً، وأن عدد المسلمين يكاد يصل إلى ثلث عدد سكان العالم، وأنه بين كل ثلاثة أشخاص في العالم هناك مسلم، وأن نسبة التحول إلى الإسلام ارتفعت بعد الحادي عشر من سبتمبر. وقد قالت مجلة "لودينا" الفرنسية، بعد دراسة قام بها متخصصون في الحالة الدينية؛ "إن مستقبل نظام العالم سيكون دينياً وسيسود النظام الإسلامي رغم ضعفه في الوقت الحالي، لأنه الدين الوحيد الذي يمتلك قوة شمولية هائلة". في قلب أوروبا الآن، بدأت أعداد المساجد تنافس أعداد الكنائس في روما ولندن وباريس ومدريد، وصوت الأذان أصبح يرتفع في أوروبا وأميركا يومياً خمس مرات، وبلغ عدد المساجد في الولايات المتحدة نحو 2000 مسجد، وفي بريطانيا 1000 مسجد، وفي فرنسا 1554 مسجداً، وفي ألمانيا 2200 مسجد، وفي بلجيكا 300 مسجد، وفي هولندا 400 مسجد، وفي إيطاليا 130 مسجداً، وفي النمسا حوالي 76 مسجداً. وحسب مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية فإن عدد معتنقي الإسلام في أميركا تزايد أربع مرات خلال السنوات الخمس الأخيرة. كما تذكر بعض الإحصائيات أن 25 شخصاً يشهرون إسلامهم كل يوم في الولايات المتحدة، عدا عن الذين يذهبون إلى المساجد والمراكز الإسلامية ليسألوا عن الإسلام. وفي استفتاء أجرته منظمة "كير" الإسلامية، اتضح أن 75% من الشعب الأميركي يحبون الإسلام، وفي استطلاع أجرته شركة "إبسوس ريد" حول موقف الرأي العام الأميركي من ديانة المرشحين السياسيين، أظهرت نتيجته أن 63% من الأميركيين لا يعارضون التصويت لمرشح مسلم لرئاسة الولايات المتحدة. وفي تحقيق أجرته الأسبوعية الفرنسية "ليكسبريس" حول صعود الإسلام في أوروبا، قالت "إن القارة العجوز تشهد يومياً تزايداً في أعداد المسلمين، وإن الأوروبي العادي الذي يتصفح تلقائياً صحيفة يومية، أصبح يرى باندهاش جاره في الميترو وهو يقرأ القرآن بخشوع". بل إن وزير العدل الهولندي قال في كتابه "أرض الكراهية والحسد" إنه يمكن تطبيق الشريعة الإسلامية إن وافقت عليها نسبة الثلثين من السكان. وتتوقع بعض الإحصائيات أنه بعد خمسين سنة من الآن سيكون نصف سكان أوروبا مسلمين. إن خريطة التوسع والانتشار الإسلامي لم تقتصر على أميركا وأوروبا، بل وصلت إلى أعماق أميركا اللاتينية وأفريقيا والصين واليابان وكوريا وأستراليا... إن هذا الانتشار والتوسع والتمدد الكبير للإسلام في العالم، هو ما تنبأ به رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عندما قال: "سيبلغ هذا الأمر -ويعني الإسلام- ما بلغ الليل والنهار". وهي إشارة إلى أنه سيبلغ كل بقعة من بقاع الكرة الأرضية، وفي ذلك رد بليغ على الذين زعموا أن الإسلام انتشر بحدِّ السيف!