مؤشرات الهزيمة في أفغانستان... ومهمة عالقة في العراق غطت الصحافة البريطانية الصادرة هذا الأسبوع عدداً من القضايا والموضوعات، لعل أهمها تحليل مخاطر هزيمة القوات البريطانية المشاركة في قوات حلف "الناتو" في أفغانستان، وصولاً إلى مهمة العراق العالقة، التي قيل إنها أنجزت ذات يوم،عقب انتهاء حملة الغزو الأولى. وبين هاتين المهمتين، تعرضت الصحف البريطانية لموضوعين آخرين مهمين، هما مصير انضمام جورجيا لحلف "الناتو"، ثم انحسار شعبية حزب "العمال" البريطاني إلى أدنى معدلاتها. حزب "العمال" والشعبية المتآكلة في مقاله المنشور بصحيفة "الجارديان" يوم أمس الأربعاء، رأى "جوليان جلفر"، أن شعبية حزب "العمال" قد انحدرت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق خلال العشرين عاماً الماضية. وفي المقابل فقد تقدم حزب "المحافظين" على حزب "العمال" بـ10 نقاط كاملة، وفقاً لنتائج استطلاع الرأي العام البريطاني الذي أجرته صحيفة "الجارديان"، ونشرتها في عددها ليوم أمس الأربعاء. وكشفت هذه النتائج عن أن حزب "العمال" لا يحظى الآن إلا بتأييد 29 في المئة فحسب من أصوات الناخبين. وتعادل هذه النسبة، ما كان قد سجله الحزب نفسه في استطلاعات رأي شبيهة، أجرتها الصحيفة في عام 1987، أي قبل فوز رئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر بدورة ثالثة في منصبها. وفي معرض تحليل هذه النتائج وأسبابها، ذكر المقال أن شعبية حزب "العمال"، سجلت تراجعاً يقدر بـ3 نقاط منذ نهاية الشهر الماضي، على رغم النجاح الكبير الذي حققه المؤتمر العام للحزب، الذي عقد في "مانشستر"، وعلى رغم عدم وجود خلافات في صفوفه حول من سيخلف بلير في المنصب. وبالمقارنة فقد حقق حزب "المحافظين" قفزة انتخابية خلال المدة نفسها، هي 3 نقاط، بينما حافظ حزب "الديمقراطيين الليبراليين" على موقفه الانتخابي كما هو، أي على نسبة 22 في المئة من التأييد الشعبي. وعلى رغم تعدد وتشابك الأسباب التي أدت إلى المزيد من تراجع شعبية حزب "العمال"، فإن المقال رجح أن تكون لهذا التراجع الأخير، صلة مباشرة بسياسات الرعاية الصحية التي أعلنها حزب "المحافظين"، مقابل الاعتقاد العام لدى الناخبين، بإهدار حكومة بلير للأرصدة المخصصة لهذه الرعاية في بنود أخرى، لا علاقة لها البتة بحياتهم ومصالحهم. مخاطر الهزيمة في أفغانستان هذا هو عنوان المقال الذي نشرته صحيفة "ذي أوبزيرفر" الصادرة في يوم الأحد الثاني والعشرين من أكتوبر الجاري، وهو مقال مشترك لكل من الكاتبين: "مارك تاونسفيلد" و"بيتر بيمونت". استند هذا المقال على هجوم المشير "سير بيتر إنج"، قائد القوات البريطانية السابق، على العمليات العسكرية الجارية الآن في كل من أفغانستان والعراق. ووجه هذا القائد العسكري السابق، أقوى انتقاداته لسير الحرب على الإرهاب. وقال في هذا الصدد إنه ليست هناك أية موجهات استراتيجية واضحة للعمليات العسكرية الجارية حالياً في كل من العراق وأفغانستان. وذكر المقال أن هذه الحملة الانتخابية، تزامنت مع اجتماع الرئيس بوش بمسؤوليه السياسيين والعسكريين مؤخراً، بغية التوصل إلى تكتيكات جديدة للحرب على العراق، في ظل أجواء سادت فيها الأزمة السياسية في واشنطن، بسبب تصاعد موجة العنف، وانزلاق العراق يوماً إثر الآخر باتجاه حرب أهلية واسعة النطاق. المهمة العالقة في بلاد الرافدين وهذه ترجمة بتصرّف لعنوان المقال المنسوب لكاتبه "باتريك كوكبيرن"، المنشور بصحيفة "إندبندنت" ليوم أمس الأربعاء 25 أكتوبر. يستهل الكاتب بالقول إن إعلان الانسحاب من قبل القيادة العسكرية الأميركية في العراق، ليس إلا من قبيل حفظ ماء الوجه، مستشهداً في ذلك بتعليق أحد القادة السياسيين العراقيين لدى سماعه أنباء منسوبة للقائد العسكري الأميركي في العراق، ورد فيها قوله إنه يتعين على قوات الأمن والجيش العراقية أن تتأهب لتحمل مسؤولياتها الأمنية كاملة خلال عام أو نصف العام من تاريخ ذلك التصريح الصادر يوم الثلاثاء 24 أكتوبر. على أن الحقيقة تبقى -وفقاً لما ورد في المقال- أن الجيش الأميركي هو المصدر الفعلي لقوة الحكومة العراقية القائمة الآن. ولهذه الحكومة من الناحية النظرية، قوة عسكرية أمنية قوامها 246 ألف جندي. أما على الصعيد العملي، فتلبي هذه القوات أوامر القادة المحليين، إضافة إلى خضوعها لقيادة القادة العسكريين الأميركيين. ومضى المقال إلى التعليق على تصريحات كبار المسؤولين الأميركيين فيما يتصل بسير الحرب هناك، قائلاً إنها تنبئ في كثير من الأحيان، عن عدم الواقعية والمراوغة، وكأن الشعور بمرارة طعم الهزيمة، أقوى من أن يعبر عنه. وبذلك تبقى المهمة عالقة، ويظل الواقع العراقي بعيداً كل البعد عن تباهي الرئيس بوش، يوم أن أعلن في مايو من عام 2003 عن "إنجاز المهمة" في العراق! جورجيا وحلف "الناتو" هذا هو الموضوع الذي تناولته مجلة "ذي إيكونومست" في مقالها الافتتاحي المنشور في عددها الأخير. وحسب المجلة، فإن العقبة التي تقف في وجه انضمام جورجيا إلى حلف "الناتو"، تتمثل في إصرار روسيا على موقفها الرافض لانضمام جورجيا إلى الحلف، وهو موقف مشابه لرفض موسكو مساعي دول البلطيق للانضمام لعضوية حلف "الناتو". بل قبل ذلك، تعترض روسيا أصلاً على الاعتراف باستقلالية هذه الجمهوريات عنها، وتعمل كل ما بوسعها للحيلولة دون استقلالها الفعلي. ولا تزال النزاعات حول اللغة والجنسية قائمة ومحتدمة بينها وهذه الجمهوريات. "الإيكونومست" ترى أنه ليس في وسع الغرب إهمال هذه الجمهوريات، لكونها تفتقر لقدرة الدفاع عن نفسها أمام مهددات الهيمنة الروسية عليها. فهل يشبه وضعها اليوم، ما كان عليه حال برلين الغربية أيام الحرب الباردة؟ إعداد: عبد الجبار عبد الله