فيما أعلن منظّمو معرض "جيتكس 2006"، الذي يعدّ من أهم معارض التكنولوجيا في المنطقة وأبرزها عالمياً عن "ابتكارات جديدة" في دورته السادسة والعشرين الشهر المقبل، كشفت "هيئة أبوظبي للثقافة والتراث" عن "استراتيجية جديدة" لتطوير "معرض أبوظبي الدولي للكتاب" ابتداءً من دورته المقبلة، ليلعب دوراً فاعلاً في صناعة العلم والمعرفة يتفق مع الإنجازات الضخمة التي حققتها دولة الإمارات في مختلف المجالات. هذه التصريحات التي جاءت متزامنة تماماً، تلفت النظر حول مستقبل صناعة المعارض في الإمارات، التي تلعب دوراً متزايداً في إنعاش الاقتصاد الوطني، بعد أن وجدت هذه الصناعة اهتماماً كبيراً على أعلى المستويات، فأضحت بذلك الإمارات في مقدّمة الدول العربية من حيث مستوى البنية التحتية الضرورية لاستضافة المعارض والمؤتمرات والاجتماعات الإقليمية والعالمية، حيث تشير التقديرات إلى أن الإمارات تستضيف ما يزيد على 100 معرض سنوياً، تتضمّن القطاعات الاقتصادية كافة. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن المساهمة المباشرة وغير المباشرة لصناعة المعارض في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى أكثر من 15 مليار درهم في العام، وهناك مساعٍ جادة لمضاعفة عائدات هذه الصناعة التي تنمو بأكثر من 10% سنوياً. كل ما حققته دولة الإمارات من نجاح في تنظيم المعارض المتخصّصة، وجعلها الأنشط من بين دول المنطقة في هذه الصناعة، لا يعدو كونه خطوات يجب أن تتبعها خطوات نوعية أخرى على طريق طويلة يتسابق فوقها لاعبون آخرون يحرصون هم أيضاً على البحث عن وسائل للتنمية وأفكار إبداعية للاستمرار في السباق الذي لا ينتهي ولا تنفد متطلّباته. وعلى هذا مضمار، تجد الإمارات نفسها مطالبة بسدّ الثغرات كافة التي لا تزال تكتنف هذه الصناعة، حيث إن تعدّد الجهات المنظمة للمؤتمرات والمعارض يتسبّب أحياناً في تكرار المعارض نفسها داخل الدولة، وأحياناً تقام هذه الفعاليات في التوقيت نفسه، وهو ما يقلل من درجة نجاحها والإقبال عليها، في ظل غياب التنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص في تطوير هذه الصناعة، بل وتحتكر الجهات الحكومية تنظيم معظم الفعاليات والأحداث المهمّة في الدولة مع عدم إتاحة الفرصة للقطاع الخاص لتنظيم بعض هذه الفعاليات أو المشاركة في تنظيمها، فيما لا يوجد دعم كافٍ من جانب الجهات الحكومية للقطاع الخاص للقيام بدوره في تطوير هذه الصناعة. ولا توجد حتى الآن دراسات تفصيلية حول القيمة المضافة لهذه الصناعة، تكون بمنزلة الموجّه الأساسي في وضع الاستراتيجيات والبرامج الخاصة بتطوير هذه الصناعة، خاصة أن بعض المعارض الاستهلاكية يمكن أن تؤثر سلباً في أداء السوق المحلية، إضافة إلى أن المشاركة الأجنبية الواسعة في بعض المعارض تسهم في امتصاص قدر كبير من السيولة المالية في السوق المحلية، وتؤثر في مبيعات المحلات والمراكز التجارية المحلية. ورغم أن استضافة الإمارات للعديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية تسهم بدرجة كبيرة في إيجاد ونشر الوعي الجماعي بقضايا الاقتصاد والاجتماع والثقافة والعلوم والفنون، وغيرها، وتعزيز التواصل بين المواطن الإماراتي والعالم من حوله، وتعزيز شعوره بالمسؤولية الوطنية بوصفه عنصراً فاعلاً في مسيرة التنمية المحلية، فإن ضعف الإقبال على العديد من هذه الفعاليات يفقدها أحد أهم أهدافها. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.