اليوم عيد، وأي عيد! يوم يمثل التتويج الأخير لجهد المسلم، في الصيام والقيام وباقي أعمال الخير، طوال شهر ليس كالشهور... ولعيد الفطر من المعاني والعبر والدلالات، ما يجدر بالسلم أن يتأمله بعين العقل والروح معاً، فهو أولاً فرصة للتوقف مع النفس ومحاسبة الذات، وللتمعن في حصيلة الشهر الكريم وما اشتملت عليه من أعمال الخير أو خلافها، وهو ثانياً فسحة زمنية لا تعوض لإعادة توصيل الأواصر الاجتماعية والإنسانية والروحية التي أولتها شريعتنا السمحاء من العناية ما لا يخضع للوصف أو يقع تحت الحصر. فهل رأيتم مثيلاً لتلك اللحمة ولروح التواصل الخلاق والألفة الإنسانية الحميمة... التي تتأتى للناس في الأعياد الدينية الإسلامية؟ العيد في حقيقته، بقدر ما هو مناسبة لمحاسبة الذات وتلمس مواطن القصور والضعف فيها، هو أيضاً يوم للفرح وإشاعة البهجة ومشاعر السرور والتفاؤل... إنه الحلم الغافي منذ أزمنة بعيدة في أعين الأطفال، بثوب جديد وهدية لم يروها من قبل، وجلسة فراغ كان يعد بها الأهل... وهو البسمة وفرح العناق وتبادل السماح والصفح بين الكبار وعبارات الدعاء الصادق والتماس الخير للجميع. إن العيد بمعناه الروحي إذن، هو محطة لتجديد الإيمان وإعادة ربط العلاقة الربانية مع السماء، وبمعناه الاجتماعي يمثل فرصة كبرى لمجموع الناس كي يجددوا ما درس من علاقاتهم الإنسانية، وليزودوا أواصر محبتهم بطاقة إضافية، إيجابية وبناءة وخلاقة... وما ذلك إلا من بركات العيد! هاني أكرم- القاهرة