صبرٌ ينفد في العراق... والمديونية للصين تهدد الاقتصاد الأميركي هل تتورط أميركا في حرب أهلية عراقية؟ وماذا عن خطر المديونية الأميركية للصين؟ وما هي تداعيات مقتل الصحفية الروسية "أنا بوليتكوفيسكايا"؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة أسبوعية على الصحافة الأميركية. "صبر الأميركيين ينفد" خصصت "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي لرصد تطورات الموقف الأميركي في العراق. الصحيفة ترى أن صبر الأميركيين تجاه الحرب على العراق آخذ في النفاد، هذا الأمر لم يعد قاصراً على "ليبراليي" الولايات المتحدة فقط، بل يطال "الجمهوريين"، خاصة أعضاء الكونجرس، ناهيك عن أن إدارة بوش نفسها بدأ صبرها ينفد بسبب عجز حكومة بغداد وافتقارها إلى الإرادة اللازمة لوضع حد للعنف الطائفي. وحسب الصحيفة أبدى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قلقه على وظيفته، فعلى حد قول "توني سنو" المتحدث باسم البيت الأبيض، يريد المالكي معرفة مدى صحة الإشاعة التي تقول إنه سيُستبدل ما لم تتحسن الأمور في العراق. لكن لكي يضمن المالكي بقاءه على الساحة السياسية، عليه أن يضمن رضا وسعادة مقتدى الصدر، وهو أمر ليس بالسهل، لأن الصدر، رجل الدين الشيعي المعادي لأميركا يسيطر على ميليشيات غير نظامية تدعم رئيس الوزراء العراقي متمثلة في "جيش المهدي". الحرب الأهلية في العراق سيناريو حتمي إذا تركت هذه الميليشيات. وحسب الصحيفة بدا التوتر بين واشنطن وحكومة المالكي، واضحاً يوم الأربعاء الماضي، عندما أفرجت القوات الأميركية عن كبار مساعدي الصدر بناء على طلب من الحكومة العراقية. المشهد العراقي الراهن سيؤجج سخط قادة أميركا العسكريين وخوفهم من التورط في حرب أهلية عراقية. خاصة وأن الأميركيين يتكبدون خسائر بشرية فادحة منها سقوط 11 جندياً أميركياً الأسبوع الماضي. خطر المديونية الأميركية للصين: في افتتاحيتها لأول من أمس السبت، أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن السلع الصينية التي تباع داخل الولايات المتحدة تدر عوائد دولارية هائلة على الصينيين، وهؤلاء يستثمرون الدولارات الأميركية في شراء السندات الحكومية الأميركية وفي تقديم قروض للقطاع الخاص الأميركي. مديونية الولايات المتحدة للصين تضخمت بصورة ملفتة، خاصة وأن إدارة الرئيس بوش تحتاج إلى قروض خارجية لتمويل عجز الميزانية، لكن ثمة ما يدعو للحد من هذه المديونية، فصحيفة "وول ستريت جورنال" لفتت الانتباه في تقرير نشرته هذا الأسبوع، إلى أن قيمة السندات الأميركية التي تمتلكها الصين وصلت إلى تريليون دولار أميركي أي ما يعادل خمسة أضعاف قيمتها عام 2000. وحسب الصحيفة، أدت القروض الصينية خلال السنوات الماضية إلى المحافظة على سعر فائدة منخفض داخل الولايات المتحدة، وعلى تمويل سياسات بوش لتخفيض الضرائب. لكن إذا قرر الصينيون تنويع الاستثمار واللجوء إلى عملات أجنبية أخرى غير الدولار، فإن أسعار الفائدة داخل الولايات المتحدة سترتفع، وإذا تم تقليص الديون الصينية بسرعة، فإن أميركا ستتعرض لأزمة مالية. "ما بعد جريمة القتل": هكذا عنونت "الواشنطن بوست" افتتاحيتها السبت الماضي، مشيرة إلى أنه بحلول يوم أول من أمس يكون قد مر 14 يوماً على مقتل الصحفية الروسية "أنا بوليتكوفيسكايا" في العاصمة الروسية موسكو. حتى الآن لم يتم القبض على أي متهم في هذه الجريمة، والأمر ذاته ينطبق على 12 صحفياً روسياً لقوا مصرعهم في جرائم قتل منذ تولي الرئيس فلاديمير بوتين مقاليد السلطة. الصحيفة علقت على ردود فعل الكريملن على الجريمة، ردود الفعل الأولى لبوتين سادها صمت غريب، فخلال الأيام الثلاثة الأولى التي تلت الجريمة لم ينطق بوتين ببنت شفة، رغم الإدانة العالمية لمقتل "أنا بوليتكوفيسكايا"، لكنه خرج عن صمته أثناء لقاء أجراه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأدان الجريمة، غير أنه استخف بالصحفية الروسية المغدورة عندما قال: "إن نفوذها على الساحة السياسية في روسيا كان غير واضح، وإن قوى خارجية معادية لحكومته تقف وراء الجريمة". بوتين أشار أيضاً إلى أن لديه معلومات موثوق بها حول "وجود بعض الأشخاص الراغبين في التضحية بشخص ما من أجل تأجيج حملة معادية لروسيا في العالم". لكن إذا كان الأمر كذلك، فإن أعداء بوتين يجب عليهم إيجاد طريقة لاحتكار قوى الأمن الخاصة بالرئيس بوتين، فعناصر من وزارة الداخلية الروسية منعت بعض المتعاطفين مع "أنا بوليتكوفسكايا"، الذين تجمعوا لإجراء قداس على روحها، وقبل خمسة أيام أصدرت محكمة روسية قراراً بإغلاق "جمعية الصداقة الروسية- الشيشانية"، وهي إحدى المنظمات غير الحكومية التي لا تزال تحاول توثيق انتهاكات الجيش الروسي في الشيشان، وفي يوم الخميس الماضي أصدرت الحكومة الروسية قراراً بتعليق عمليات منظمة العفو الدولية ومنظمة "هيومان رايتس ووتش" و90 منظمة غير حكومية أخرى بحجة عدم مواءمتها لقانون جديد مثير للجدل يضع شروطاً لتسجيل هذه المنظمات داخل روسيا. الصحيفة استغربت من عدم اهتمام قادة الغرب بالجريمة، فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تعهدت بالدفع في اتجاه شراكة روسية- أوروبية كاملة، علماً بأن بلادها ستترأس الاتحاد الأوروبي مطلع العام المقبل، ويوم الجمعة الماضية تلقى بوتين دعوة لحفل غداء مع القادة الأوروبيين في فنلندا. الصحيفة تساءلت حول ما إذا كان عدم حسم قضية "بوليتكوفسكايا" سيصبح عقبة أمام الشراكة الروسية الأوروبية؟ حسب الصحيفة، للأسف، لا يجد بوتين أي سبب يدعو للتفكير في طرح هذا التساؤل. أما "أرنولد بيتشمان"، الباحث بمعهد "هوفر"، التابع لجامعة "ستنافورد"، فكتب في "الواشنطن تايمز" يوم أمس الأحد، مقالاً استنتج خلاله أنه إذا كانتثمة جائزة نوبل للشجاعة الصحفية، فإن "أنا بوليتكوفسكايا"، المولودة في نيويورك، وابنة أحد الدبلوماسيين في العهد السوفييتي تستحق بجدارة الحصول على هذه الجائزة. إعداد: طه حسيب