تبذل إمارة أبوظبي جهوداً متواصلة وبوتيرة أسرع من أي وقت مضى لتطوير وتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي، باعتباره العمود الفقري لخطة تنويع القاعدة الاقتصادية، وحجر الزاوية في التنمية الاقتصادية، وخطوة حيوية نحو بناء قدرتها على المنافسة الفعالة في السوق العالمية. من خلال جذب مزيد من الاستثمارات العالمية في المناطق الصناعية بما يسهم في تدعيم وتنويع مشروعات التنمية الاقتصادية وإقامة المصانع الحديثة والمتطورة لمواكبة التطور الحضاري والعمراني والصناعي الذي تشهده الإمارة حالياً، وبما يخدم العمل على تنويع مصادر الاقتصاد وتشجيع الاستثمار الصناعي لتعظيم نسبته في الناتج الإجمالي القومي. كما أن إيجاد قاعدة من الصناعات المتطورة سوف يتيح مساحات كبيرة ومتنوعة من فرص العمل المنتج للمواطنين من خريجي الجامعات وكليّات التقنية، الذين يتزايد عددهم باستمرار. وفي خضم التغيرات السريعة في العلاقات التجارية الدولية التي فرضت إعادة هيكلة العديد من القطاعات الاقتصادية، وبالأخص قطاع الصناعات التحويلية في مختلف بلدان العالم، من خلال تمركز هذه الصناعات حول المزايا النسبية التي تتمتع بها كل دول على حدة، باعتبار ذلك خط الدفاع الأول في وجه منافسة عالمية مرتقبة على الجبهات كلها، فإن قطاع الصناعة التحويلية في أبوظبي بدأ يتمحور حول قطاعي النفط الخام والغاز كأساس للتصنيع، من خلال سياسة اقتصادية قائمة على تصنيع هذين الموردين، وإنشاء صناعات بتروكيميائية ونفطية جديدة والتوسع في القائم منها بحيث يمكن تصديرها للخارج كمنتجات صناعية، كما ارتادت أبوظبي بقوة قطاع صناعة الألمونيوم بالإعلان عن مصهرين عملاقين مؤخراً. رغم ذلك لا تزال هناك حلقة مفقودة في التصنيع المحلي، والتي لفت الانتباه إليها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس التنفيذي، في تصريحات سموه عقب الإعلان عن تأسيس شركة أبوظبي للألمونيوم، مؤخراً، حيث أكد ضرورة تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية وإيجاد برنامج لتعليم وتدريب وتأهيل نحو ألف مواطن خلال السنوات القليلة المقبلة لدراسة الهندسة والتدريب على صناعات الألمونيوم والحديد في الخارج بهدف بناء جيل من المواطنين أصحاب العلم والكفاءة لتقلد مواقعهم في هذه الصناعات الرئيسية. لاشك أن غياب العنصر المواطن في هذا القطاع المهم من أهم الأسباب التي حرمت الدولة عموماً في السابق من امتلاك قاعدة صناعية كاملة النمو التقني، كما أن الاقتصار على الأساليب التقليدية في تطوير التصنيع المحلي لا يمكن له وحده أن يوصل التصنيع والقدرة التقنية المحلية إلى المستوى الذي تتوافر فيه خصائص التصنيع ذاتي التطور. ومن غير هذه الحلقة سيظل التصنيع المحلي يدور في حلقة من الخواء التكنولوجي، وسيظل يطوّر في قدراته التقنية، ولكن لن يكتسب أيّة نِدِّيَّة يقف بها أمام الدول الصناعية، بل سيكون مستخدماً ومستثمراً لما تنتجه الدول الصناعية. ومن خلال إيجاد جيل من المواطنين على درجة رفيعة من العلم والكفاءة في هذا المجال، يمكن تضييق الفجوة التقنية في الصناعة المحلية وبناء قاعدة صناعية وطنية كاملة النمو التقني خلال الأجل الطويل، وإنشاء العديد من القواعد الصناعية المتشعبة والكاملة النمو التقني، بما يجعل من الممكن ردم الهوّة التقنية في كثير من الصناعات المحلية، والتوجه نحو مشاريع صناعية ضخمة يمكنها أن تشجّع الإبداع والابتكار والبحوث والتطوير، والنقل الحقيقي والفعّال للتكنولوجيا. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.