ويسألونك عن الانتخابات في الإمارات؟... قل هي أمر محتوم وواقع مرسوم ستخفق لها القلوب وتراها العيون... الانتخابات صارت حقيقة سواء رغب فيها البعض أم لم يرغب فيها البعض الآخر... ولم يعد أمام المواطن الإماراتي إلا أن يكون موجوداً بقوة في هذه الانتخابات، سواء لممارسة حقه، إن كان من ضمن القوائم المعلن عنها، أو لمراقبة هذه الانتخابات والاستفادة من التجربة الأولى. السؤال الذي يتردد اليوم وبشكل قوي هو: كيف يمكن أن أفوز في الانتخابات المقبلة؟ فهذا السؤال تردده مجموعة من المواطنين الذين ضمتهم القوائم الانتخابية- الستة آلاف وستمائة شخص الذين تم اختيارهم للانتخابات البرلمانية- وكل مواطن ممن يفكر في ترشيح نفسه للانتخابات التي ستجري يوم السادس عشر من ديسمبر المقبل بدأ في البحث عن أفضل الطرق لضمان الفوز... فهناك من عين مديراً لحملته الانتخابية، وهناك من بدأ اتصالاته ولقاءاته بمن يعتقد أنهم سيفيدونه في الانتخابات، وهناك من يحاول الاستعانة ببيوت خبرة أجنبية ومستشارين كي يضمن الفوز... أما السحرة والمشعوذون فلا أدري إن كان سيسعى إليهم أحد المرشحين لتحقيق حلمه بالفوز أم لا؟! الإجابة على ذلك السؤال هي أن للفوز في الانتخابات البرلمانية طرقا مختلفة؛ فدائماً طريق الفوز ليس واحداً، بل متعدد بعكس طريق الفشل الذي هو واحد لا ثاني له... وبما أننا في التجربة الانتخابية الأولى فاعتقد أن الوضع يسمح لنا بالإشارة إلى عدد من طرق الفوز في الانتخابات وخصوصاً بعد أن صار واضحاً بأن هناك مجموعة من المرشحين الأقوياء للانتخابات المقبلة وهم أولئك الذين بدؤوا فعلياً في حشد الناخبين وجمع الأصوات... فمن أهم الطرق للفوز في الانتخابات القادمة هو جمع أصوات المرشحين، وبلا شك فإن من تحركوا بعد اليوم الأول لإعلان أسماء القوائم وجمعوا الأصوات، ستكون فرصهم في الفوز أكبر من الذين تأخروا في التحرك أو الذين سيقررون ترشيح أنفسهم لاحقاً، فمن سيصل إلى الناخب قبل منافسيه سيكون حظه أكبر وفرص فوزه أقوى. ويمكننا أن نميز الناخبين في تلك القوائم إلى ثلاثة أنواع؛ فهناك ناخب صوته مضمون بالنسبة للمرشح... وهناك ناخب يعتبر صوته محايداً وبالتالي فإن صوته يكون مضموناً بدرجة معقولة للمرشح... أما النوع الأخير فهو الناخب صاحب الصوت الضائع الذي يعتبر صوته غير مضمون إلا بدرجة ضعيفة. أولا: الأصوات المضمونة... قد لا أذيع سرا لو قلت إن من سيصل من المرشحين إلى الناخب أولا سيكون قد ضمن أصواتهم بنسبة لا تقل عن 70%، فأغلبية الناخبين في قوائم الانتخابات هم من النوعية التي تريد أن تسمع الناخب مباشرة وتعرف ماذا يريد... وهذه النوعية يكون أغلب المرشحين بالنسبة لها متساوين وبالتالي من يسبق ويصل أولا قد يفوز بوعد للحصول على صوت الناخب.. وبالتالي عندما يأتي المرشح الآخر سيكون حظه أقل ممن سبقه إلا إذا ما تميز بشيء مختلف بل ومتميز جداً عن الآخر... كما أن التوصيات التي ستصل إلى الناخب من هنا وهناك لاختيار فلان أو علان ستجعله يحسم خياراته منذ البداية وبالتالي فمن سيصل إلى الناخب متأخراً قد لا يصل إلى البرلمان... وأصوات هذه الفئة تكاد تكون مضمونة ويمكن الاعتماد عليها لقياس مدى النجاح الذي يمكن أن يحققه المرشح قبل بدء الاقتراع. ثانياً: الأصوات المحايدة... مع هؤلاء من يريد أن يفوز في الانتخابات من المهم أن يكون لديه برنامج انتخابي وإن لم يكن برنامجاً قويا، ولكن من المهم أن تكون لديه أجندة وأهداف واضحة يستطيع من خلالها أن يقنع الناخبين المحايدين كي يمنحوا له أصواتهم... فهذه الفئة غالباً ما تكون أقل من الفئة الأولى وهي الفئة التي ستتعامل مع الانتخابات بشكل جاد وعملي وستحاول أن تمارس حقها النيابي حسب الأصول، فلن تختار المرشح على أساس ابن من هو أو إلى أية فئة ينتمي أو ما هو منصبه أو ما هي المصلحة الشخصية التي سيجنيها من وراء انتخابه... فهؤلاء يهمهم في من يحصل على أصواتهم أن يكون جاداً ومخلصاً ومؤثراً في المجلس الوطني الاتحادي عندما يكون عضواً وهذا يتطلب منذ البداية أن يكون هذا المرشح صاحب برنامج انتخابي واضح ومحدد وأن يكون ملماً بالعمل البرلماني وأن يقنع ناخبيه بأن ترشيحه لنفسه يأتي من أجل خدمة قضاياهم... فأصحاب الأصوات المحايدة والمترقبة ستمنح صوتها لمن يقنعها بأنه أحق شخص بصوتهم وإن لم يكونوا يعرفونه جيداً... وأصوات هؤلاء شبه مضمونة ويمكن القياس عليها وتوقع نتائج الانتخابات ولكن بحذر. ثالثا: الأصوات الضائعة... بلا شك أن الدعاية والإعلان سيكون لهما تأثيرهما في الناخبين، خصوصاً أن نسبة غير قليلة منهم لا يعرفون أياً من المرشحين وقد يختارون هذا الناخب أو ذاك من خلال دعايته الانتخابية أو من خلال صوره وربما وسامته أو مظهره الحسن يشجعهم على تفضيلهم له على غيره!... فمن سيرى الناس صوره على لوحات الإعلانات وفي الأماكن العامة أكثر سيكون له نصيب من الأصوات الضائعة... وفي أية انتخابات في العالم هناك نسبة من الأصوات التي يمكن أن نطلق عليها أصوات ضائعة أو تائهة لا تعرف ماذا تريد ومن تريد ولكنها تفعل شيئاً ما وهذا الشيء إما أن يفيد المرشح أو يفسد عليه كل الأمور... وفي كل الحالات فإن هذه الأصوات الضائعة غير مضمونة، فقد تغير رأيها قبل دقيقة من ملء بطاقات التصويت ولكن من غير الصحيح تجاهل أصواتها فقد ترجح كفة مرشح على آخر في آخر لحظة. المتحمسون للانتخابات والذين بدؤوا بتصنيف الأصوات، من المهم أن يعرفوا أن الفرق بين البرلمان وبين الدولة والجمعيات الأهلية هو قدرة البرلمان- الذي سيكونون أعضاء فيه- على أن يكون ساحة تجاذب سياسي واختلاف من خلال الاهتمام بقضايا الوطن ومناقشة قضايا المواطنين، ولهذا سيتحول المجلس الوطني الاتحادي إلى مركز اهتمام كل مواطن لأن ثمة حواراً واختلافا وتجاذباً وربما صراع قد نشهده تحت قبة البرلمان من أجل مصلحة الوطن وقضايا وهموم المواطنين. أخيراً... المعارضون والرافضون والمنتقدون للطريقة التي تم من خلالها اختيار أسماء القوائم الانتخابية، ولا شك أن هؤلاء يعرفون الكلمة الشهيرة لأحد الفلاسفة البريطانيين المعاصرين عندما قال: "إذا حكمنا على الديمقراطية حكماً ديمقراطياً بعدد من معها وعدد من ضدها من المفكرين لكانت هي الخاسرة"... ورغم ذلك فإن بريطانيا موطن لأعرق الديمقراطيات وأقوى البرلمانات، وبالتالي على الجميع أن يدعم التجربة القادمة ويضع انتقاداته جانباً، فمن المهم ان تحقق تجربتنا، ليس النجاح فقط بل التميز أيضاً.