تحدث الكاتب البريطاني باتريك سيل في مقاله: "تركيا والاتحاد الأوروبي... شروط تعجيزية وأبواب موصدة" المنشور في هذه الصفحات يوم الاثنين 9 أكتوبر الجاري، عن كثافة العراقيل التي يضعها الأوروبيون أمام تركيا حتى لا تنضم إلى الاتحاد الأوروبي في يوم من الأيام. والحقيقة أن هذا الموقف الأوروبي من تركيا لا يمكن تفسيره بشيء آخر سوى أنها دولة إسلامية كبيرة. فقد ضم الاتحاد الأوروبي إليه دولاً من المعسكر الاشتراكي السابق ومن البلقان مع أنها فقيرة، ولا تكاد اقتصاداتها تعادل اقتصاد هاييتي، وسجلاتها في حقوق الإنسان سيئة جداً، ولا يتوفر فيها أي من الشروط الأوروبية للعضوية المعروفة بـ"معايير كوبنهاغن"، ولكنها قبلت مع ذلك وانفرجت أسارير البيت الأوروبي أمامها عريضة فقط لأنها ذات جذور مسيحية. أما تركيا التي هي دولة كبرى، والتي لعبت دوراً كبيراً خلال الحرب الباردة في حماية أوروبا الغربية من التهديد الشيوعي من خلال حلف شمال الأطلسي "الناتو" فإنها غير مقبولة. والعجيب أن الاتحاد الأوروبي فتح بابه لدول خارج البر الرئيسي لأوروبا كقبرص ومالطا، لنفس الأسباب، ولكنه لم ينفتح لأوروبا الملاصقة لبعض الدول الأوروبية الأعضاء، والتي يوجد جزء من أراضيها ضمن أوروبا نفسها. وبعد إعطاء قبرص حق "الفيتو" ضد انضمام تركيا، جاء الآن دور مزاعم "إبادة الأرمن"، وقبلها القضية الكردية، والسلسلة يبدو أنه لا نهاية لها. ونصيحتي الشخصية للإخوة الأتراك أن يتجهوا من الآن شرقاً فيعملوا على دعم علاقاتهم مع الدول الإسلامية في الوطن العربي وفي آسيا الوسطى، فهناك مستقبل تركيا، والمكان المرحب بالأتراك فيه. فحلم تركيا الأوروبي لا يبدو أنه سيتحقق خلال أجيال، أما حلمها وسط عالمها الإسلامي فلا يحتاج أصلاً إلى تقديم طلب. قاسم حماد - أبوظبي