الإسلاميون غاضبون لأنهم لم يمثلوا في قوائم الهيئات الانتخابية التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي... واليساريون أيضاً غير راضين لأنهم لم يمثلوا بالطريقة التي يرون أنها تناسبهم... أساتذة الجامعة مستاؤون لأنهم "استبعدوا" من الاختيار في تلك القوائم، في حين ظهرت أسماء أشخاص بسطاء وربما لا يحملون شهادات بل وأميون... وحتى القبائليون والعشائريون غاضبون لأنهم يرون أنهم لم يمثلوا التمثيل المناسب...! أما أطرف الغاضبين فأولئك الذين صدقوا ما يردده البعض من أن الذين وردت أسماؤهم في قوائم الهيئات الانتخابية سيحصلون على رواتب كبيرة من الحكومة وقد يحصلون على مليوني درهم لتمويل حملاتهم إذا ما قرروا خوض الانتخابات. قد يكون البعض غير راض عن تلك القوائم، لكن أكثر من نصف البلد يشعر بالرضا، وربما أكثر فئة تشعر بالرضا هي الفئة المستقلة التي لا تنتمي إلى هؤلاء ولا إلى أولئك لأنها كانت الأغلبية في تلك القوائم... وبما أننا نعيش زمن الديمقراطية التي تسمح لكل مواطن أن يعترض وينتقد، فمن حق من يريد أن يغضب ويعلن عن استيائه أن يقوم بذلك، وعلى الحكومة أن تقبل رأيه وتحترمه ثم تهتم بملاحظته وانتقاده وتحاول علاجه... لكن في مقابل ذلك على الجميع أن يدعم التجربة الجديدة ويساعدها على أن تتخطى مراحلها الأولى وتصل إلى بر النجاح. التواصل مع الناس والناخبين مهم جداً في هذه التجربة الانتخابية الجديدة، وتوضيح الأمور والقضاء على الإشاعات واللغط أولاً بأول، يعطي فرصاً أكبر لهذه التجربة كي تنجح وترسخ أقدامها بشكل أقوى، وهذه المهمة منوطة بالحكومة متمثلة في وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي أو في اللجنة العليا للانتخابات... خصوصاً أننا لاحظنا تفاعلاً قوياً من المواطنين مع قوائم الهيئات الانتخابية التي أثارت لديهم تساؤلات عديدة؛ منها ما تمت الإجابة عليه ومنها ما بقيت إجابته معلقة... والمطلوب من المواطنين سواء وصلتهم الإجابات والتوضيحات على استفساراتهم أم لم تصلهم، أن يقتنعوا بأن ما تم كان محاولة لعمل شيء متميز وناجح وأن الأخطاء التي تم اكتشافها بعد الإعلان عن أسماء المرشحين لم تكن مقصودة. فنحن نفترض حسن النية فيمن قام بإعداد تلك القوائم، وإن كنا نعتبر أنه على الجهات المسؤولة عن الانتخابات أن توضح أسباب ذلك التقصير أو الخطأ. وهكذا نكون قد بدأنا ديمقراطيتنا بشفافية ووضوح، وهي من أهم مقومات الحكم الديمقراطي، كما أن احترام رأي المواطن– وإن لم يكن من ضمن قائمة الهيئات الانتخابية- مهم ويجب الأخذ به. وفي إطار ما جرى، من المهم أن نتفق على أنه ليست هناك نية أو رغبة في "تصنيف" المواطنين عند اختيارهم لتلك القوائم، كما أن الشعور بوجود نوع من "التمييز" في اختيار الأشخاص على أساس الأصل والفصل، هو شعور في غير محله إطلاقاً وإن بدا اختيار أسماء المرشحين في إمارة أو أكثر على أنه يميل إلى فئة دون أخرى، إلا أن ذلك قد يكون أي شيء آخر غير التمييز. ففي الإمارات وصلنا إلى مرحلة تجاوزنا فيها هذه الأمور، وإذا كانت الحكومة تعمل على إزالة التمييز بين المواطن والمقيم، فما بالنا بما بين المواطنين أنفسهم. لا يمكن أن نتجاهل بعض الأخطاء، والتي حدثت نتيجة عدم التدقيق بشكل تفصيلي كاف على أسماء المرشحين، مما أدى إلى ظهور أسماء أشخاص ميتين ضمن قائمة الهيئات الانتخابية وإلى تكرار أسماء أشخاص آخرين... فهذه الأخطاء لا يمكن أن تمر مرور الكرام، كما أنها تضع لجنة الانتخابات في مرمى الانتقاد رغم أن هناك جهات أخرى تسببت في هذه الأخطاء. لن نطالب بغض الطرف عن الأخطاء، وفي الوقت نفسه لا نطالب بجلد الذات، فالأخطاء التي تمت ما كان يجب أن تحدث ولكنها حدثت، فما هو الإجراء الديمقراطي في هذه الحالة؟... بعد أن يتم ذلك الإجراء، من المهم أن يعرف المرشحون لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي أن الغرض من عضويتهم في البرلمان ليس تمثيل الإمارة التي هم منها والتي من خلال ناخبيها سيصلون إلى البرلمان، وإنما الغرض من عضوية البرلمان هو تمثيل شعب الإمارات وشعب الاتحاد... في هذه الانتخابات هناك قوانين وضوابط يجب أن يعرفها المرشحون قبل أن تأتي أيام الانتخابات ونفاجأ بغضب واحتجاجات المرشحين لأنهم حرموا من خوض الانتخابات بسبب عدم إلمامهم بكل الجوانب التنفيذية للانتخابات أو لأنهم خالفوا بعض البنود بسبب عدم إطلاعهم على اللائحة التنفيذية للانتخابات. من الأمور المهمة أن الحملات الانتخابية ستكون فردية، ولا يجوز الاتفاق بين المرشحين على قوائم انتخابية موحدة أو التضامن بينهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تنفيذ الحملات الانتخابية. ومن الأمور المهمة التي يجب أن يعرفها المرشحون أنه يحق لهم عرض برامجهم الانتخابية في وسائل الإعلام المحلية المرئية والمسموعة والمقروءة وعقد ندوات ومؤتمرات صحفية... ويجوز للمرشح تخصيص أماكن للتجمعات والإلتقاء بالناخبين، وإلقاء المحاضرات، وعقد الندوات، خلال المدة المحددة للحملات الانتخابية، وذلك بعد الحصول على الترخيص اللازم، من قبل لجنة الإمارة. ولكن لا يجوز استعمال المدارس أو الجامعات أو المعاهد أو دور العبادة أو المستشفيات أو المباني الحكومية وشبه الحكومية أو الحدائق العامة أو المراكز التجارية... ويسمح باستعمال صالات العرض، والقاعات، والمخيمات المخصصة للاحتفالات، كما لا يجوز استخدام مكبرات الصوت في إعمال الدعاية الانتخابية إلا في القاعات والصالات المخصصة لهذا الغرض... أما فيما يتعلق بالجزء المالي وهو المهم في أي انتخابات، فالقوانين تحظر على المرشح تقديم الهدايا العينية أو المادية للناخبين كما لا يجوز مطلقًا تلقي أية أموال أو تبرعات من خارج الدولة أو من جهات أجنبية، ويحظر الإنفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام أو من ميزانية الوزارات والمؤسسات والشركات والهيئات العامة، كما يحظر استخدام المؤسسات والمرافق العامة للدعاية الانتخابية. ولكن يجوز لكل مرشح تلقي تبرعات من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين على ألا تتجاوز هذه التبرعات سقف الإنفاق على الحملات الدعائية– مليوني درهم- وعلى المرشح تقديم كشف حساب عن هذه التبرعات أولاً بأول إلى لجنة الإمارة، والإفصاح عن مصادر تمويل الحملات الدعائية والانتخابية وتسليم لجنة إدارة الانتخابات خطة الحملة الدعائية وموازنتها لاعتمادها. يحظر على موظفي الحكومة أو السلطات الرسمية دعم أي من المرشحين أو القيام بحملة انتخابية لصالح أي منهم. لا يجوز لأي جهة حكومية، أو شركة، أو مؤسسة تمتلك الحكومة جزءا من أسهمها، تقديم أي شكل من أشكال الدعم المادي أو المعنوي، أو أية تسهيلات، أو موارد لأي مرشح، أو القيام بأي تصرف من شأنه التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر في الحملة الانتخابية لأي مرشح سواء كان هذا الأثر لصالح المرشح أم ضده. أخيراً وليس آخرا، يحظر على المرشحين لصق المنشورات، أو الإعلانات، أو أي نوع من أنواع الكتابة والرسوم والصور على السيارات أو المركبات بكافة أنواعها، إذ تحدد لجنة الإمارة الوسائل الإعلانية، والمواقع الملائمة لها في نطاق الأماكن المحددة المخصصة لوضع الملصقات واللوحات والصور الدعائية للمرشحين، وذلك وفق الضوابط المحلية المقررة في كل إمارة، وبمراعاة إتاحة الفرص المتساوية لكل مرشح... يحظر استعمال الرسائل الهاتفية من قبل الشركات أو الاستعمال التجاري في الحملة الدعائية.